لماذا تنجح أمريكا وغيرها من الدول في اقتلاع الإرهاب من جذوره وبذوره؟ لماذا ليس هناك لا محاسبة ولا مساءلة للدولة التي تتعامل مع من تصنفهم إرهابيين، وإن استخدمت معهم أبشع الطرق؟ حيث تتعدى عقوبة الإرهاب في بعض الدول الشخص نفسه وتصل إلى أبنائه وأهله. بينما في البحرين يتم التعامل مع الإرهابيين بطريقة مختلفة فيها من المحاذير ما يخفف العقوبة، فتبرد الجريمة، حتى تحدث عملية إرهابية جديدة، رغم أن هذا الإرهاب مرئي ومكشوف ومسجل وآثاره واضحة لا تحتاج إلى لجنة للتقصي، فالضحايا بين قتيل وجريح، حتى أصبح سماع الإرهاب أمراً اعتيادياً، وها نحن بالأمس شهدنا استشهاد شرطي في كرزكان، وبعده تفجير آخر في دمستان، ولا ندري عدد الضحايا الذين قد يسقطون قبل نهاية هذا الشهر، إذاً هناك تصنيف للإرهاب، حيث توجد دول يسمح لها المجتمع الدولي بمحاربة الإرهاب بكل وسيلة ولا تخضع للمحاسبة، مثال ذلك تعقب أمريكا لمن تصنفهم إرهابيين، بطائرات وقنابل وصواريخ بغض النظر إن ثبت عليهم الإرهاب أو أنهم مشتبه بهم فالأمر سيان، كذلك تفنن الحكومة العراقية في محاربة الإرهاب الذي يتعدى المشتبه به ودون محاكمة ولا ملاكمة، وقد تصل العقوبة إلى أسرته.
الإرهاب في البحرين سيتسمر مادام التعامل معه بطيئاً، ولأسباب أخرى ومنها أن الإرهابي تبقى وظيفته محجوزة في القطاع الحكومي أثناء سجنه، حيث يبقى سجله موجوداً في بيانات موظفي الدولة، وقد يعود إليها حال الإفراج عنه، وهذا قد حصل، فكيف لا يتجرأ بعدها وينضم غيره في الإرهاب، حيث توجد على جريمة الإرهاب مكافأة، أو تكون جميع حقوقه محفوظة وإن صدر عليه الحكم بالسجن، ويظل اسمه مقيداً على قائمة العاطلين ويستلم معونة التعطل، ويبقى اسمه على قائمة الخدمات الإسكانية، وتظل رخصته التجارية، وقد يستفيد من الدعم المادي الذي تقدمه مؤسسات الدولة لمشاريعه التجارية، وكذلك بالنسبة للمحرضين على الإرهاب هم كذلك ينعمون بالأمان، فهم أيضاً ليس عليهم حساب ولا عقاب، فكيف لا يتنامى الإرهاب، وكيف لا يستمر حصاد أرواح رجال الأمن، وذلك عندما لا يقتلع الإرهاب، لا نقول بنفس الطريقة الأمريكية ولا على نمط الدولة العراقية والإيرانية، بل بما جاء في كتاب الله النفس بالنفس والعين بالعين، وهو السلاح العادل الذي يقتلع الإرهاب ويحفظ البلاد ويحقن دماء العباد.
وها هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفتح بلاد فارس ويفتح القدس ومصر ويعم الأمن والسلام في ربوع الحجاز والشام، وذلك بعد أن اقتلع الإرهاب كما جاء في كتاب الله، فعن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قيل قتل خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة في اليمن «اتخذت امرأة في غياب زوجها خليلاً، وخافت من ابن زوجها أن يفضحها فاجتمع على قتله الرجل ورجل آخر والمرأة وخادمها»، فأمر عمر بقتلهم، وقال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً، وها هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حمل علينا السلاح فليس منا»، وقوله «لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار»، فهل بعد هذا يمكن أن يكون الرد على الإرهاب إلا بالمثل، أي بالمحاكمة العادلة التي سنها الله في كتابه وسنة نبيه.
إننا لنحمد الله ونشكره الذي نقلنا من حال إلى حال، وبعد أن عاد الأمن والسلام وعادت البلاد إلى مكانها تسير على بر الأمان، ولكن يبقى الجرح مفتوحاً والقلب موجوعاً، وذلك عندما يستمر الإرهاب ضد رجال الأمن، وقد يحاول قادة الإرهاب جر البلاد إلى الفوضى، حين تنتقل العمليات الإرهابية إلى المساجد كما حدث في العراق، مما يفتح الطريق إلى التدخل الأممي، وقد شاهدنا عندما زرعت المتفجرات في أحد طرق المساجد في كرزكان، وكانوا يقصدون من ورائها سقوط ضحية، فهم في حاجة إلى ضحايا من المواطنين، فالمتاجرة بالدماء هي بضاعتهم، وهي وقود يدفع بمزاعمهم، كما أنهم بحاجة إلى تقارير وأدلة تعطي الصلاحية للمنظمات الحقوقية للتدخل وللدول الأجنبية بالتحرك عندما تكون لديها حوادث ومبررات، وهي العادة التي جرت عليها هذه الدول لتبرير تدخلها العسكري في أي دولة، فقد احتلت الدول بتقارير ملفقة وأكاذيب مسوقة، وندعو الله ألا نكون مثلها، ولن يكون ذلك إلا عندما يطبق حكم الله الذي أنزل في كتابه.