لم يجمع خليفة بن سلمان الصحافة في مكتب سموه شكلاً وصورة وتذكاراً، بل كان جمعهم على الحث على التعاون والبر والتقوى، فكان خطابه من أوله حتى آخر كلماته فيها حب البحرين ينضح، وحب شعبه، كان أولويات كلامه، فكان قلبه على أمن البلاد، وحفظ العباد من شرور الكوارث والأهوال التي عصفت بالدول العربية فأطاحت بالشعوب وطحنتها قبل أن تطحن أنظمتها، وهذا هو الواقع المرير الذي جعلت نفس سموه أن تعاف الراحة وتعود إلى جدها وعملها وسهرها على أمن هذا البلاد وضمان استقراره وازدهاره، إنها الكلمات التي خرجت من القلب فاخترقت صميم قلوبنا وانطبعت في ذاكرتنا، وستبقى منقوشة في ضلوعنا نبراساً يقودنا إلى الكتابة في الحق، وهو التوجيه السديد الذي وجهه سموه إلى رؤساء تحرير الصحف المحلية وكتاب الرأي، بأن يشيروا إلى النقص، وقال سموه كل امرئ غير معصوم، ولكن يجب أن يكون هناك النقد البناء الذي يعين في بناء بحرين قوية قادرة على مواجهة التحديات، وعلى الصحافة أن تشير إلى مواطن الفساد، وعلى متابعة النواقص في كل برنامج ومشروع متعثر ومتبعثر، لأن هناك دائماً من يتصدى لمشاريع الدولة وبرامجها بقصد الأضرار بها وبسمعتها في الداخل والخارج، وهو واقع عشناه وعايناه، بأن هناك من المسؤولين من يحاول أن يعرقل المشاريع، حتى يستفيد من نتائجه أعداء الوطن الذين يسخرون هذه العراقيل والتعثر وسيلة للزج بالدولة في متاهات ومناوشات بينها وبين المنظمات الأجنبية وبعض الدول الغربية، كما يسخرونها لإثارة الشعب على حكومتهم، وذلك بمداعبة مشاعرهم بتغريدات وشعارات، كما يستخدمونها مواد لمقابلاتهم على القنوات الفضائية، لأنهم يريدون أن تكون في يدهم أدلة وبراهين، وهنا نسوق بعض الأدلة، مثال محاولة وزارة العمل عرقلة جهود الدولة في مكافحة البطالة، والتي خصصت لها ميزانية وفريق عمل، وخصصت لها المعاهد والجامعات، وجاءت بخبراء ومستشارين، وغيره من المشاريع التي تخصص له الدولة ميزانيات هائلة، فإذا بهذا المشروع متعطل والآخر مشروع تم إكماله بنواقص كارثية أدت إلى حوادث فيها وكوارث دفع المواطنون ثمنها أرواحهم.
إنه خليفة بن سلمان الذي آثر وطنه على نفسه، فنزل إلى المواطن في الشارع وعند باب بيته، وهذا ما كان سلكه ودأبه وعادته، وهذه صفات الأمراء التي فطر الله نفوسهم عليها، وذلك عندما تكون الإمارة جاءت من سلالة العز والشرف، إنه خليفة بن سلمان الذي لم يهمه نباح الكلاب، فواصل مسير قافلته غير ملتفت إلى نكرات الوجوه الذين حاولوا النيل من البحرين، ومنوا أنفسهم بالأماني وحلموا بأن يكون لهم شأن في بلاد العرب، شأن في وطن شعب محب لحكامه مخلص موالٍ أبد الآبدين، إنه الشعب الذي ألف العيش في ظل الكرام الطيبين الذين بنوا البلاد من صحراء قاحلة حتى صارت اليوم بلاداً ذات حضارة وعمارة، فكيف بعدها لا تضع الصحافة والإعلام والكتاب يدها في يد خليفة بن سلمان، وهو الذي فتح صدره قبل بابه واتسعت نفسه للجميع.
وهنا نختصر القول والمطلوب من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، وما يريده من الوزراء ومن الصحافة والإعلام، وهي لو أدى كل منهم الأمانة التي أنيطت إليه، أمانة العمل والكلمة لصارت البحرين مملكة المحبة والرخاء، نعم إننا نحتاج اليوم أن نطبق سياسة خليفة بن سلمان بأبواب مفتوحة وآذان صاغية للمواطنين، ومصارحة لا فيها مجاملة ولا تغليف، نعم نريد أن نطبق هذا بحذافيره، إنها الوصية من خليفة بن سلمان التي خرجنا بها نبحث ونفتش عن صفات الأمراء في أقوالهم وأفعالهم فوجدناها جاءت في توصية عمر بن عبدالعزيز حين قال «فمن صحبنا بخمس خصال»، «من أبلغنا حاجة من لا يستطيع، ودلنا على ما نهتدي إليه من العدل، وأعاننا على الخير، وسكت عما لا يعنيه، وأدى الأمانة التي حملها منا ومن عامة المسلمين فحي هلا به -أي مرحباً به صاحباً- ومن كان غير ذلك ففي حل من صحبتنا أو الدخول علينا».
ونقول هنا: يا خليفة بن سلمان سنصاحبك ونبلغك وسنؤدي إن شاء الله أمانة ما نخط، فيدنا بيدك وقلوبنا معك وأرواحنا طوعاً فداء للبحرين.