العنوان أعلاه ليس كلامنا، بل مفردات جاءت في بيان لجمعية «وعد»، والتي كلما قلنا بأنها ستعي حقيقة الوضع المزري الذي أوصلت له التيار الليبرالي الوطني وستصحح المسار، وهذا ما نتمناه لها كمعارضة وطنية حقيقية، وجدناها تواصل السير على النهج الوفاقي قلباً وقالباً.
كلمات وتوصيفات فيها مغالطات صريحة يدحضها الواقع المعاش، وإن قلنا بأننا نتفق مع بعض ما ورد من أمور، لكننا نختلف معهم اختلافاً جذرياً في أمور وردت وكأنها محاولة إقناع القارئ بأمور هي ليست حقائق، بل هي قناعات موجودة فقط لدى بعض قيادات هذه الجمعيات.
توصيف الأزمة الدستورية توصيف تسوقه هذه الجمعيات ليل نهار، في حين الواقع العملي في البحرين يثبت العكس. فحراك المجلس النيابي «البرلمان» طال في عدة مرات الدستور نفسه وأدخل عليه تعديلات لا يمكن نكرانها. الممارسات المعنية بالمجالس التشريعية والبلدية تمت، وهناك برلمان جديد تم انتخاب أعضائه ودخله 30 عضواً جديداً من مختلف مكونات المجتمع، وهو ما دحض ادعاء غير صحيح مارسته الوفاق ومن يأتمر بأمرها ونعني «البحرين تقاطع» و»تصفير الصناديق»، إذ نسبة المشاركة وصلت 52.6% وهو رقم واضح أن هناك استماتة للتقليل منه أو التشكيك فيه، خاصة من قبل من أراد إفشال الانتخابات لأنه لم يشارك فيها بعد تلبية رغباته وتحقيق صفقاته.
البحرين لا توجد فيها أزمة دستورية إلا في مخيلة من وقف يوماً في الدوار خلف شعار «إسقاط النظام» ثم أنكر ذلك تماماً وكأن الناس فقدت البصر والذاكرة. الأزمة الدستورية هي بحسب الواقع أزمة ضياع الهوية وضياع الأهداف الوطنية الحقيقية بالنسبة لهذه الجمعيات بعد أن آثرت أن تحل محلها أهداف فئوية ضيقة، ولدى جمعيات معينة كانت ولاتزال تحركها أهداف طائفية وأهداف مناهضة النظام بأي حال من الأحوال.
إقامة الانتخابات في موعدها حق من حقوق الناس على الدولة، وتعطيلها بناء على رغبة استرضاء جمعيات معينة لن يرضيها إلا الظفر بكراسي الحكم، لن تكون سوى تجاوز على حقوق البشر العاديين الذين يريدون العيش في أوضاع طبيعية في بلدهم.
الأزمة الأمنية المتسبب الأول فيها ليست الدولة التي تتعامل مع عمليات التخريب والإرهاب بأسلوب رد الفعل، بل سببها من يمارس التحريض ويروج لمعاداة الدولة والفئات الغالبة الواقفة مع وطنها. هذا هو المسبب الرئيس لهذه الفوضى.
حتى محاولات إيهام الناس بأن هناك عودة للاستعمار البريطاني للبحرين مسألة تفرض نظرة شفقة على من أسقط في يده فبات يحاول أن يستصرخ الجميع وكأنه ضحية بينما هو من استهوى لعب دور الجلاد، نعم جلاد يجلد البلد في أمنها ويجلد الناس في استقرار حياتهم. الآن فقط تحول السفير البريطاني لشخص لديه مخططات فاشلة، وأصبحت بلاده عدوة للجمعيات المعارضة، بعدما كان السفير وبلاده عامل استقواء لهم على الدولة؟! فقط انظروا لتقلب الخطاب لتدركوا حقيقة النوايا، وكيف أن شعارات مصلحة البحرين كدولة ليست إلا كلاماً مرسلاً يطلقونه يغلف الهدف الأساسي الذي يتحركون من أجله.
والله نقولها وكلنا أسف، إذ بدلاً من أن تكون لدينا معارضة حقيقية تعمل لمعارضة الأخطاء وتساهم في طرح الحلول وتعمل لأجل إيصال نبض الناس «كل الناس، وليس نوعاً معيناً» أصبحت محاربة كل شيء في البلد شغلها الشاغل.
عموماً البحرين ماضية في طريقها، لن يرجعها للوراء محاولات من سعى لإسقاطها وفشل فشلاً ذريعاً، لن يوقفها من فشل بإيصال عضو واحد من جماعته للبرلمان لأن من تحالف معه صفعوه مرات وخونوا فيه مرات وهو كتب عليه أن يتبعهم طائعاً لأنه سلم ناصيته لهم.
التيار الليبرالي في البحرين مات منذ زمن، رحمة الله عليه.