يمكن القول أن «مركز الإعلام الطلابي» واحدة من أهم الأفكار الرائدة في البحرين، والتي عدّها وزير التربية والتعليم في إحدى جولاته التفقدية، إحدى البصمات المميزة التي تركها في الوزارة. ولعلي أتفق مع كونها فكرة رائعة لو حظت بقليل من الرعاية الفعلية والاهتمام الجاد من داخل الوزارة وخارجها، بما يمكن المركز من تحقيق أهدافه التي وضع من أجلها، والتي يأتي في مقدمها زيادة الوعي بأهمية الحوار الديمقراطي واحترام الرأي الآخر من خلال التواصل المباشر أو بوسائل الإعلام المختلفة، لما تشكله الأخيرة من أهمية في حياتنا اليومية وما تلقي به من ظلال التأثير على كل مجالات الحياة وتفصيلاتها. فضلاً عن توفير أرضية خصبة للتواصل بين الشباب بشكل إيجابي وتشكيل مجموعات شبابية مؤهلة إعلامياً في مختلف المجالات تتحدث باسم الوطن وإنجازاته محلياً ودولياً وتساهم في التواصل الفعال في استثمار حقيقي لأجواء الحرية التي توفرت في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى.
إن «مركز الإعلام الطلابي»، يمكن أن يكون انطلاقة طلابية حقيقية لعالم الاحترافية، إذا ما تم تنفيذ برامجه في ضوء خطة تدريبية شاملة، وخطة استراتيجية واضحة، تمنح مزيداً من الفرص على العمل في ضوء الرؤية والرسالة بشكل فعلي، في الاستخدام الأمثل لهوية المركز الشاملة، وعلى ألا يتم العمل في وادٍ غير الوادي الذي وضعت من أجله. إن المركز بحاجة لكوادر إعلامية شابة ومؤهلة قادرة على تقديم الأفضل ومواكبة المستجدات، كما أنه يستحق وبقوة فرصة ممارسة نشاطه التدريبي وفق نظم تدريب عالمية معتمدة، ومنح شهادات احترافية في مجال الإعلام، من السهل جداً توفيرها من جهات متخصصة محلية وخارجية، فضلاً عن المؤسسات الأكاديمية.
لعل وضع خطة استراتيجية واضحة لمركز الإعلام الطلابي، تمكن من توفير مزيد من الدعم من جهات داعمة في المملكة، من شأنها أن تسهم في نهضته وديمومة عمله التدريبي على مستوى عالٍ. مجلس التنمية الاقتصادية مثلاً، وما يقدمه من دعم لافت لكثير من برامج ومشروعات المؤسسات البحرينية ومنها وزارة التربية والتعليم.. ماذا لو التفت قليلاً لمركز الإعلام الطلابي؟ ماذا لو تبنى بعضاً من مشاريعه المكبوتة؟ إلى أي مدى سيسهم في ارتقاء التدريب الإعلامي إذا ما استقطب مدربين إعلاميين أكفاء من ذوي الخبرة والاختصاص من الوطن العربي، بل وعلى المستوى العالمي؟!! باعتقادي.. حتماً سيشكل علامة فارقة في مخرجات المركز، بل وفي مخرجات الإعلام البحريني بشكل عام.
يملؤني اليقين.. أنه متى ما حقق المركز الأهداف التي وضع من أجلها ستكون البحرين مقبلة على مرحلة جديدة من الوعي والتطور، فضلاً عما سيقدمه من إسهام لافت في صناعة الكوادر الإعلامية الشابة، في ظل خلو المملكة من معاهد متخصصة في المجال، ولا يخفى أن ذلك سيسهم أيضاً في تخفيض نسبة البطالة في البحرين، خاصة وأننا على أعتاب انطلاقة قناتين فضائيتين جديدتين في البحرين وربما أكثر في مستقل قريب، نطمح لأن تشغل الكوادر البحرينية أقصى نسبة يمكن تحقيقها داخل تلك المؤسسات، وفي مواقع ذات أهمية.
تستحق فكرة كهذه أن تتبوأ مكانتها الريادية على المستوى الخليجي، غير أننا نتطلع لريادة تنفيذية قادرة على فرض نفسها في الساحة، فريادة الأفكار وحدها قد لا تجدي نفعاً إذا ما تلقفتها أيدٍ عنوانها الإيمان بأن التميز لا يتحقق إلا باستثمار العمل والإبداع. إن فكرة كهذه تمنح البحرين فرصة ذهبية أخرى لإعادة مجد الريادة البحرينية في الإعلام وفي كثير من المجالات المختلفة، وتعيد لها مكانتها التي تخلفت عنها لكثير من الأسباب، لا يشملها ضعف الكوادر ولا الطاقات البشرية المحلية، بقدر ما تعثرت التجارب البحرينية -بتعددها وتنوعها- نظراً لاعتبارات اقتصادية ونظراً لـ»ثقافة العمل الحكومي» البالية. إن البحرين بحكومتها، متى ما التفتت لتحذو حذو التجربة الإماراتية -على سبيل المثال- في نظرتها الإبداعية للعمل، في دعمها للكوادر، في الاستثمار في المواطنين وتدريب وتأهيل مواردها البشرية، في تشجيع الإبداع الفكري والإداري والميداني في العمل الحكومي، لا أن يقتصر الإبداع على بضع جوائز تجلجل في صفحات الجرائد وتتلألأ في لقطات الأخبار وحسب. متى ما حققت البحرين تلك الثقافة، ومتى ما مولت المشروعات الرائدة بكرم وسلاسة، هي بلاشك، ستكون قد منحت نفسها آفاقاً أوسع للارتقاء من جديد، ولإعادة مجدها الريادي المشار إليه، في زمن أصبح فيه التفوق ينتزع بالتميز والكفاءة والجد والعمل المخلص، بعيداً عن الأضواء والدوي.
- انفجار النبض..
تميز المشروعات التي من شأنها أن تسهم في رفعة الوطن والارتقاء به، وتأهيل أبنائه لتمثيله في المحافل المحلية والدولية، وفي وسائل الإعلام بما في ذلك الإعلام الاجتماعي، هي خير تمثيل وتعبير لشعار «البحرين أولاً». هكذا أقرأ إرادة جلالة الملك المفدى -حفظه الله ورعاه- في تطبيق مشروعه الإصلاحي الرائد في البحرين.