قد يكون شيئاً من قلة الإدراك أو عدم فهم مشاعر شعب البحرين، حيث انطلقت هذه القناة من أرضهم، فقد كانوا يظنون أنها ستكون الصوت الإعلامي الذي يعود بالحق لأهله ويزيل الضباب ويرفع الستار عن حقيقة المؤامرات ضد البحرين وجميع دول الخليج العربي، التي تبنتها إعلامياً القنوات الأجنبية والإيرانية، بمساعدة بعض القنوات العربية التي حاولت أن تظهر ما يحدث في البحرين بأنه ثورة، إذ تأتي اليوم قناة تنطلق من أرض البحرين لتثبت صحة ادعاءاتهم.
إن التفوق الإعلامي ليس «فهلوة»؛ حين جاءت القناة بشخص من أكبر قادة المؤامرة الانقلابية في البحرين، وهو من حمل راية الحركة الإرهابية التي تسمى 14 فبراير وباركها وسار معها، وهو من سمى درع الجزيرة «قوات أجنبية»، أي أنه تحت عباءة ولي الأمر، وهذا أمر مسلم به ولا يقبل النقاش والجدال ولا الرأي، لذلك فإن إعطاء مساحة للمعارضين للأنظمة الخليجية أمر خطير جداً على الأمن الخليجي، حيث يبذل قادة هذه الدول قصارى جهودهم من أجل لم الشمل ومواجهة المؤامرات الدولية الكبرى على المنطقة، حيث تستعين هذه الدول الاستعمارية بأمثال هؤلاء لجر دولهم إلى الفوضى والاقتتال الذي يعقبه شتات وضياع، وتكون للدول لها فرصتها للتدخل بعساكرها وجيوشها كما حدث في العراق ويحدث الآن في سوريا واليمن وإن اختلفت الأسباب والمبررات.
إن رسالة الإعلام الهادف هي طرح المشاكل ومحاولة حلها، وليس خلق مشاكل وإعادة أحياء الميت منها، وتسليط الضوء على قضايا انتهت وتلاشت، مثل المؤامرة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في البحرين، حيث استطاعت الدولة حلها ومسك زمام أمورها ونجت بأرضها وشعبها إلى بر الأمان، وها هي الأحكام الصادرة بحق الإرهابيين تثلج صدور الشعوب الخليجية كما البحرينية، فليس هناك إرهاب حلال وإرهاب مسموح به، فالإرهاب أسقط عشرات الضحايا من الأبرياء ورجال الأمن والمواطنين والأجانب وخلف مئات الجرحى.
وها هو الضيف الأول لأول برامج هذه القناة هو من بارك هذا الإرهاب وأثنى على أهله، حيث اعترف وبعظمة لسانه بقوله: «نحن هنا في لاهاي وفي بريطانيا وغيرها من أجل إيجاد حل حقيقي في البحرين»، وهي شهادة على استقوائه بجهات أجنبية، فهو الصوت والصورة التي يكرهها شعب البحرين وشعوب دول الخليج التي ناصرت البحرين في محنتها، فإذا بالقناة الجديدة تستضيف من سمى قوات درع الجزيرة بالقوات الأجنبية وطالب بطردها، وهو من تصدى وجمعيته للاتحاد الخليجي.
السؤال هنا؛ ما هي سياسة هذه القناة وما هي أهدافها الوطنية والخليجية؟ أم أنها ستنتهج سياسة القنوات الأخرى التي كانت تستضيف قادة المؤامرة؟ هذه القناة تفاءل بها البحرينيون وظنوا أنها ستكون صوتهم الذي ظل حبيساً لسنوات، وهم لا يجدون قناة عربية تسألهم عن شعورهم أيام المؤامرة، وما هي الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الصفوية. هذه القناة التي لم يطرأ على بالها استضافة الشخصيات الوطنية المعروفة بمواقفها أثناء المؤامرة وما بعدها، الشخصيات التي ترفع رأس كل مواطن بحريني وخليجي، وما أكثرها، وهي معروفة ولا تحتاج إلى بحث، لا أن تقتصر هذه القناة مشوار شهرتها لتخرج بمفاجأة أساءت ليس للشعب البحريني بل للشعب الخليجي والعربي وكل شريف ومخلص للأمة الذي يبكي قلبه قبل عيونه على ما حصل في البحرين ويحصل الآن في العراق واليمن.
سؤال آخر؛ كيف يمكن أن تناقش قناة جديدة مراسيم وأحكاماً قضائية سيادية بتت فيها الدولة، وتأتي بضيف يشكك فيها؟
إن ما حصل من تصرف هو تدخل في الشأن الداخلي للبحرين، وهو خطأ لم ترتكبه القنوات الأخرى، ومنها قناة الجزيرة، التي لم تتدخل يوماً في الشأن السياسي لدولة قطر الشقيقة