«الشراكة الوطنية مسألة ضرورية وملحة من أجل استقرار وأمن ووحدة اليمن»؛ هذه كلمات قالها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي خلال اجتماع استثنائي مع قادة وزارة الدفاع الأسبوع الماضي، داعياً بشكل غير متوقع إلى الشراكة مع الحوثيين في تطبيع الأوضاع في البلاد، مع أنه صرح في السابق خلاف ذلك عندما اتهم الحوثيين بالانقلاب واعتبرهم احتلوا المعسكرات ونهبوا الدولة.
لو عدنا إلى الوراء قليلاً وإلى مكان آخر، إلى العراق، لوجدنا المالكي في أول كلمة له بعد تنصيبه رئيساً للوزراء سنة 2006 يقول: «سيكون جهدنا منصباً على العمل على أساس الهوية العراقية والشراكة الوطنية»، وقال أيضاً «يتعين دمج الميليشيات في القوات المسلحة العراقية، والأسلحة يجب أن تكون بأيدي الحكومة»، إذن الطرح واحد وهو الشراكة والوحدة الوطنية.
لكن الشراكة مع من؟ إنها مع الميليشيات الإرهابية، لا لتتوقف عن الإرهاب إنما لتبدأ مرحلة جديدة أكثر أثراً وأوسع مساحة، ما يفعله الحوثيون اليوم في اليمن هو تركيز جهودهم في الضغط لدمج آلاف من مقاتليهم في مؤسستي الجيش والأمن اليمنيتين، فإذا تحقق ذلك الأمر الخطير إليكم ما سيحصل في اليمن؛ ستتمكن إيران من المؤسسة العسكرية والأمنية اليمنية بالكامل وستصبح تحت إمرتها، كما إن ميليشيا الحوثي ستحصل على غطاء رسمي وستمول من الحكومة، وبذلك تتخلص إيران من الأعباء المالية التي تكلفها سواء كان الرواتب الشهرية أو التسليح، كذلك ستصل هذه الميليشيا إلى كل بيت يمني لأنها ستدخله باسم الجيش والأمن لا باسمها مع أنها ستنفذ أجندة إيران لا ما يريده اليمن، هذا بالإضافة إلى أن القبائل لن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم ومقاتلة الحوثيين، كما يفعلون اليوم، لأن العالم سيعتبرهم خارجين عن القانون ورافعين أسلحتهم بوجه الجيش والأمن وسيوضعون في خانة الإرهاب، وسيحكم الحوثي سيطرته على كل اليمن ويتمدد في مناطقها وستكــــون المعسكـــرات مقـــرات له ومعتقلات لأهل اليمن كما سيتخلصون من كل من يعارض المشروع الإيراني وسيصفونهم بالقانون.
عملية الدمج هذه سبق وأن جعلت لها سلطة الائتلاف المحتل للعراق قانوناً نظم دخول ميليشيات إيران في مؤسسات القوات المسلحة في العراق، وكانت سبب الويلات التي يعاني منها العراق اليوم، ووصولها إلى اليمن بهذه الطريقة ينذر بالخطر الكبير؛ فهذه الميليشيات لن تكون جزءاً من الجيش لكنها ستحول جزءاً كبيراً من الجيش إلى ميليشيات قائدها الذي له كلمة الفصل هو زعيم الميليشيا وإيران من خلفه، والوقوف بوجه هذا المشروع ورفضه اليوم خير من السماح بتمريره فيصبح التخلص منه أمراً غاية في الصعوبة