رغم الترهيب والتهديد والعنف والحرق والعزل والإقصاء وسد الشوارع والفتاوى الدينية التي سادت أجواء دوائر الرعب الستة عشرة الانتخابية، ورغم أن بعض الأسماء أجبرت قسراً على الانسحاب بعد تهديدها بالعزل والفصل، فإن الأكثرية التي رشحت نفسها صمدت حتى اللحظة الأخيرة وقاومت الخوف وانتصرت عليه، وبعضها مازال صامداً للجولة الثانية، هذا عن المرشحين أما عن الناخبين فرغم كل الخوف والرعب الذي عاشوا فيه حين كانوا يذهبون للمراكز العامة للاقتراع ورغم ارتعادهم من أي كاميرا للتصوير تقترب منهم خاصة كاميرا «الوسط» التي كانت تركز على تصوير الوجوه في المراكز العامة متعمدة لابتزازهم وتخويفهم، رغم صدور قرار بمنع التصوير إلا من خلف الطوابير كي يطمئن الناخبون هناك، رغم كل وسائل الإرهاب تلك إلا أن أهالي القرى الذين ذهبوا للانتخاب صمدوا بشجاعة، بل إنهم في بعض دوائر الرعب كسروا الحاجز وتحدوه وذهبوا للمراكز الخاصة داخل القرى وإن كانوا قلة، إلا أن الأرقام والحقائق وشهود العيان الذين يحكون عن قصص الطوابير التي ملئت من أهالي القرى الملثمين والمنقبين والمتحدثين بصوت منخفض تؤكد بأن بعض دوائر الرعب شاركت بنسب تقترب من 18%، فتحية لهؤلاء الذين تصدوا بصدورهم العارية لإرهاب وسوط العزل والإقصاء وتهديد الحرق والسب والشتم.
ولا ننسى أنه في 2010 كادت الوفاق أن تخسر قائمتها لولا أن اضطرت أن تستعين بعيسى قاسم وتخرجه من بيته وهو مريض ودرجة حرارته مرتفعة وتسحبه للخيام وتستصدر صكوك الجنة والنار حتى تتمكن من عبور خط النجاة الانتخابي.
خلاصة المشهدين أنه لو ترك أهالي القرى لخيارهم وحريتهم في اتخاذ قراراتهم بلا فتاوى وبلا إرهاب وتهديد لما كان لهذه المجموعة أن تسيطر وتهيمن على هؤلاء المحاصرين وتحول بينهم وبين ممارسة حياتهم الطبيعية وخيارهم الحر، ولو ملكت تلك المجموعة الشجاعة لتركت الخيار للأهالي فمن شاء المقاطعة فليقاطع ومن شاء المشاركة فلن يكون إلا بين أهله وناسه، ولن يغير ذلك من الأمر شيئاً، ولرأت تلك المجموعة حجمها الطبيعي.
لقد حالت هذه المجموعة بين أهالي القرى وبين بحرينيتها حالت دونهم ودون حضنهم الطبيعي وبيتهم الحقيقي وهويتهم الحقيقية وانتمائهم الحقيقي، ولن يعود أهالي القرى لبحرينهم إلا حين تبعد هذه المجموعة عنهم، حينها فقط يستطيع أهالي القرى أن يتنفسوا بحرية ويتخذوا القرار الذي يناسبهم بلا خوف وبلا إرهاب، إلى الآن لم يتح حتى لهذه المجموعة أن تختبر حجمها دون هذه الأدوات الإرهابية بين من تدعي أنهم جماهيرها، ومع الأسف فإن الدولة تخلت عنهم فلا يأمن أحدهم كما قال على نفسه إن هو ذهب إلى مراكز الاقتراع أن تحميه الدولة منهم، يشعر أنه إن عاجلاً أم آجلاً سيترك وحده في مواجهته وحينها سيعيش الرعب والخوف على نفسه وعلى أبنائه، ورغم أن الدولة تصرح بأنها على استعداد لحمايتهم إلا أن تجاربهم السابقة غير مشجعة.
خطر تلك المجموعة ليس على الأمن المحلي فحسب، بل ستبقى هذه المجموعة مسماراً لجحا الأمريكي سيفاً مسلطً على سيادة البحرين وورقة للبيع والشراء وورقة مفاوضات الأمريكان والإيرانيين في الملف النووي، فحتى اللحظة لم يصدر بيان أمريكي حول الانتخابات البحرينية لأن المفاوضات الإيرانية الأمريكية على الملف النووي لم تنته بعد، وها هي مددت ولم لا فقد أصبحت بقرةً حلوباً لابتزاز المنطقة، إنما دون هذه المجموعة تحديداً التي من قيادات هذه الجمعية ومعها مجلسها العلمائي وهم مجموعة تعد على أصابع اليد الواحدة دون هذه المجموعة ستظل البحرين مهددة دولياً، وسيظل الشيعة معزولين عن شركائهم في وطنهم محلياً، وستظل البحرين تدور في هذه الحلقة طالما بقيت الدوائر الستة عشرة دوائر للرعب.