يذكرون من قبيل الطرفة أن لقاء جمع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش برئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والصحافيون ووسائل الإعلام ينتظرون في الخارج، فلما خرج الاثنان وجه لهما السؤال الآتي: ما الذي خرجتم به من هذا الاجتماع؟ فأجابهم بوش، قررنا قتل مليون مسلم وطبيب أسنان واحد، فاستغرب الصحافيون وقالوا، ولماذا يعدم طبيب الأسنان؟! فالتفت بوش إلى توني بلير وقال له: ألم أقل لك أن أحداً لن يهتم لقتل مليون مسلم.
قبل أيام حكمت محكمة الجنايات المركزية في العراق على النائب السابق الدكتور أحمد العلواني بالإعدام، وكانت قبل ذلك اعتقلته قوات حكومية وأعدمت شقيقه ميدانياً خلال عملية الاعتقال، مع أنه كان في وقتها نائباً في البرلمان وله حصانة إلا أن ذلك لا يشمل النواب من العرب السنة على ما يبدو، جريمته هي وقوفه مع المتظاهرين السلميين أيام الاعتصامات في محافظة الأنبار، والحق يقال الرجل كان صريحاً وشجاعاً وواضحاً، ورفض أن يكون ومن يمثلهم من مواطني الدرجة الثالثة كما رفض تبعية العراق لإيران، وذكر صراحة في الإعلام أن تهديدات بالقتل وصلته من قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وقتها، فأرادت إيران إذلاله وتصفيته ليكون عبرة لكل من يرفضها ويسقط هيبتها في نفوس الناس.
الدكتور أحمد العلواني أحد العراقيين المسلمين السنة الذين يتعرضون كل يوم لإبادة جماعية فيقتل ويخطف ويتعقل منهم المئات بحملات إبادة منظمة، وينتظر الباقي أن يأتي عليه الدور في هذه الجرائم التي ترتكب باسم محاربة الإرهاب والعالم يبارك ووسائل الإعلام العربية والعالمية في صمت، إلا أن اللافت للنظر أن وسائل الإعلام العربية ومنها الخليجية نطقت أخيراً لتقول: لماذا يعدم النائب الدكتور العلواني؟! لتجعل من الطرفة التي ذكرتها لكم حقيقة وواقعاً، فالدكتور العلواني ما هو إلا في مقام طبيب الأسنان الذي زاد المليون واحداً فلم يسأل أحد عن المليون وتعجبوا من قتل الواحد.
وزاد عليهم بعض العقلاء عندما وجهوا نداءهم إلى الحكومة العراقية مطالبين العفو عنه لأن المرحلة التي يمر بها العراق دقيقة وحساسة، وأن قرار إعدام النائب العلواني سيوقع اليأس عند العرب السنة، وسيقيض كل جهود المصالحة -علماً أن ليس هناك مصالحة- وكأن إبادة العرب السنة مقبولة ولا تؤثر على الوضع العام، لا أقول ذلك معتبراً الموضوع لا يستحق هذه الحملة الإعلامية، بل على العكس، فكل متابع يعلم أن الرجل مظلوم وقرار إعدامه إيراني بامتياز، ولا بد لكل منصف أن يتمنى له الحرية، لكن يجب أن لا ينسى الإعلام كل المظلومين ولا تختزل قضية أمة تباد في العراق بشخص واحد ضمن الأمة، فهذه سياسة يراد منها إشغال الرأي العام بقضية شخص واحد وهي ترتكب يومياً بحق الكل، فتصرف بذلك أنظار العالم عن قضية الإبادة الجماعية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}