ما يهمنا في اللقاء الذي شهده قصر الرفاع يوم أمس، هو كلام سمو ولي العهد حفظه الله للمسؤولين الأمريكيين، فقط هذا ما يهمنا لأنه يمثل الموقف البحريني الرسمي، والذي يتفق معه الموقف الشعبي الذي ساند وآزر بلاده في كافة خطوات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله.
سموه قال نصاً: «صوت أبناء المملكة جاء واضحاً يحمله الإقبال على المشاركة الشعبية في الانتخابات النيابية ترشيحاً وانتخاباً ليجهر بما يصبو إليه المواطنون من رغبة في اتخاذ خطوات نحو مواصلة التطوير والمضي قدماً من أجل بناء المستقبل على ما تحقق من مكتسبات ضم أهل البحرين أياديهم جميعا لأجل بلوغها».
هذا هو الكلام المهم الذي سمعه كل من السفيرة آن باترسون مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدني وتوم مالينوسكي مساعد نفس الوزير لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان، والأخير نعرف تماماً ماذا قام به في السابق، ومدى تقربه من الجمعيات الانقلابية التي أساءت للبحرين قيادة وشعباً مخلصاً.
ونشد على يد سمو ولي العهد الأمين في تأكيده أن «البحرين تضع أهمية الأمن والاستقرار داخلياً وفي محيطها من أولويات التطوير والتقدم، مما تترجم في إسهامها في مكافحة مظاهر الإرهاب بكافة أشكاله وتجفيف كافة مصادره».
الرسالة البحرينية واضحة تماماً ومن رجل هو أحد رموز الحكم في البلاد، وسمعها المسؤولان الأمريكيان مباشرة، تعززها نسبة المشاركة في الانتخابات، والشواهد على الأرض، ومواقف البحرينيين المخلصين في وقوفهم مع بلادهم.
باختصار شديد هنا، حتى للعميان سيكون المشهد واضحاً، الفصل الختامي لثلاث سنوات وأكثر من السجال هنا وهناك ومن محاولات تدويل قضية البحرين وتوسلات إقحام الغرب فيها انتهى، النقطة آخر السطر وضعت بنهاية فرز الأصوات في الانتخابات، ومع مراسيم وقرارات جلالة الملك في شأن التغييرات التي ستشهدها المرحلة القادمة.
وعليه، فزيارة المسؤولين الأمريكيين يجب أن تكون واضحة النوايا، هل هي جاءت لتعزيز العلاقة والتعاون مع البحرين كدولة صديقة وحليفة -كما يقولان- أم محاولة لوضع حل لـ «المأزق» الذي ورطت الوفاق به نفسها بنفسها؟!
السفير الأمريكي الذي «لف» على المراكز الانتخابية في يوم التصويت يفترض أنه نقل بكل «شفافية» ما شاهده بأم عينيه من إقبال كبير من البحرينيين على المشاركة في اختيار أعضاء البرلمان، ولا نشك أبداً في قدرة السفارة الأمريكية المتقدمة في معرفة مدى استخدام أدوات الترهيب والتهديد في محاولة التأثير على الناخبين لمنعهم من التصويت.
لكن ما يجعلنا نشك في نقل الحقائق بحرفيتها وتجردها التصريح «الجريح» للخارجية الأمريكية بشأن انتخابات البحرين، والذي يمكنك أن تحس فيه تبرة الأسى على شيء ما بالنسبة للأمريكان لا يجعل الصورة البحرينية مكتملة، حسب قياسهم طبعاً، وعليه زيارة مالينوسكي تحديداً ندرك تماماً بأنها ليست من أجل تهنئة البحرين وفتح صفحة جديدة معها يكفر بها ما فعله سابقاً من دعم لجماعات سلاحها التحريض والإرهاب، زيارته هدفها من خسروا الاستفادة من الدعم الأمريكي ومن محاولات التوسط، هدفها الجلوس معهم والتفكير معهم في خطة جديدة ستكون معقدة هذه المرة خاصة أن شعب البحرين قال كلمته، وأن الدولة ماضية في الإصلاح والبناء والعمل الديمقراطي المؤسسي، وبالتالي هذه الزيارة تحمل شعاراً واضحاً يتمثل في «ترقيع ما يمكن ترقيعه».
هنا ننصح الزائر الصديق بأن يبادر بنصح من سيجلس معهم من خارج الإطار الرسمي بإنهاء هذا العبث الذي لم يؤد إلا لحرقهم لدى شارعهم قبل شعب البحرين بأكمله، لينصحهم بوقف الإرهاب والتحريض، وبترك غالبية شعب البحرين يعيشون بسلام دون إقلاق لأمنهم وحياتهم.
هذه هي الرسالة التي يجب أن يرسلها الأمريكان اليوم، إذ خلافها لن يصلح أبدا، فالبحرين ماضية بقيادتها وشعبها الإيجابي في حراكه وتطلعه للأمام، والخاسر من سيظل يظن أن نجاحه يكون بصناعة خرق جديد في السفينة.
عموماً، وبعيداً عن ذلك، استمتعوا يا أصدقاءنا الأمريكان بأجواء البحرين مع دخول الشتاء، استمتعوا بكل شيء جميل في البحرين من مطاعم ومجمعات وفعاليات، لكن حاسبوا من بعض الشوارع التي يمارس فيها أصحابكم عبر أتباعهم هواية قطعها بإطارات مشتعلة وزجاجات مولوتوف حارقة، فالإرهاب لا يميز بين أحد، أليس كذلك؟!
نسألكم لأن الأمريكان هم أبخس فيما يتعلق بالإرهاب.