من باع الوطن بالأمس؛ ينتظر اليوم اللحظة المناسبة للانقضاض عليه، فهو ينتظركم يا شعب البحرين، وقد قالها بصراحة وعلانية بأن صناديق الانتخابات ستصفر ما دام هو وجماعته قد قاطعوا الانتخابات؛ تدرون لماذا؟ لأنه عندما تصفر صناديق الانتخابات سيأتي دور بان كي مون ليعلن التدخل الدولي في البحرين بحجة رفض الشعب لدولته، بالطبع هم لا يتعاملون كذلك مع إيران أو العراق أو سوريا والعراق، فقط البحرين لأن قضيتها مختلفة، فتلك الدول حكوماتها عميلة وربيبة لأمريكا وإسرائيل، ولا بد أن تكمل هذه العمالة والربابة بتقديم البحرين كعربون محبة ووفاء لإيران نظير ما قدمته من خدمات جليلة استحقت عليها المكافأة بدولة خليجية.
وها هي الرسالة التي بعثها علي سلمان في خطبة عاشوراء هذا العام إلى بان كي مون والمجتمع الدولي، والتي يقول فيها: «إلى الدول ذات النفوذ.. يوجب عليكم دور أكبر في أن تتقدموا لمساعدة البحرين كما فعلتم في أماكن عديدة من العالم»، وأضاف قائلاً: «إن هذه الانتخابات الصورية قد فشلت مبكراً، ومن أسبابها يوم طرد السيد مالنوفسكي من البحرين»، فانظروا يا شعب البحرين ماذا يريد أن يحقق علي سلمان من تصفير الصناديق، يريد أن تفعل أمريكا -وهي الدولة ذات النفوذ في البحرين- كما فعلت في العراق، ثم انظروا إلى أي حد وصل غضبه عندما غادر مالنوفسكي البحرين، حتى ربط رضائه بعودته، فأي وطنية هذه التي يدعيها وأي حق وعدالة ومساواة يطالب بها، وذلك عندما يغلب كفة «مالنوفسكي» وهو مواطن أمريكي على كفة البحرين وشعبها وأمنها، هذه هي حقيقة الشخص الذي يريد أن يختار الحكومة ويعينها، هذا الشخص الذي يريد أن يكون الحكم في يده، هذا الشخص الذي كل فرد منكم يا شعب البحرين لن يشارك في الانتخابات سيضيفه في رصيده الذي سيقدمه كمبرر للتدخل الأجنبي، وهو الاتفاق الذي عقدته أمريكا وإيران بأنه قد تكون نتائج المشاركة في الانتخابات ذريعة للتدخل في البحرين.
أما كيف يراكم علي سلمان يا شعب البحرين؛ فهو يراكم لا شي، وأن مشاركتكم في الانتخابات هي رقص وسحر وتهريج، وأن الانتخابات ستفشل، أتعرفون لماذا؟ ببساطة لأنه قاطعها.
وها هو يقول في ذات الخطاب «فشلت الانتخابات يوم قاطعت القوى السياسية المعارضة والشخصيات الوطنية المرموقة ذات الوزن الثقيل وتسيد برامج الانتخابات الرقص والسحر والتهريج»، والمعنى أن شعب البحرين لا وزن له ولا وجود، وليس فيهم شخصيات وطنية مرموقة، وأنتم كما وصفكم رقاصون وسحرة ومهرجون، فهذه حقيقة أما اليوم فيناديكم بـ«شركائنا» ويطلب منكم المساعدة بمقاطعة الانتخابات، تصوروا أن من يطالب منكم المساعدة هو من سماكم البلطجية والمرتزقة، وهو من قتل أبناءكم ورجال أمنكم، وهو من حرم مرضاكم من العلاج في المستشفيات، وهو من قطع العلاج عن مرضى الفشل الكلوي ومرضى السرطان، وهو من منع عنكم سيارات الإسعاف لنقل مرضاكم وموتاكم، وهو من هجم على أبنائكم وبناتكم في المدارس والجامعات.
فهل نسيتم تلك الساعات الأليمة التي ذابت فيها أفئدتكم وشربتم فيها المرار؟ هل نسيتم الدموع والألم؟ هل نسيتم عندما منعكم من دخول عاصمتكم؟ هل نسيتم عندما هجم عليكم في الرفاع؟ هل نسيتم ذاك اليوم العصيب الذي فيه تركتم بيوتكم ورحتم تركضون إلى دوار الساعة خوفاً على أهلكم هناك؟ هل نسيتم عندما أنزلت باصاتهم ميلشياتهم المسلحة حيث كانوا يخفون الخناجر والسيوف تحت قمصانهم؟
لن ننسى كل ذلك أبداً، ومن تناسى فعليه أن يراجع نفسه ويختبر إيمانه؛ هل هو من فئة المنافقين أم من فئة المتخلفين؟ كما جاء وصفهم في القرآن لكل من يتخلف عن اللحاق بركب المسلمين في قضاياهم سواء أكانت حرباً أو مواقف.
ولكن، ورغم كل ذلك هيهات أن يكون شعب البحرين غير ما وصفه الله في كتابه الكريم، نعم إن شعب البحرين هم حفظة العهد وهم أهل الذمة والوفاء، وهم من لا يساومون ولا يقبلون التفاوض على أرضهم، وهم من لا يسألون المقابل المادي، وذلك عندما يكون المقابل هو الصدق مع الله والجهاد في سبيله الذي جزاؤه الجنة.
نعم.. هذا يوم جهاد وليس بالضرورة أن يكون بالسلاح، وإنما الجهاد هو إنكار الذات وتقديم مصالح الأمة والجماعة على نوازع النفس، إنها دولة البحرين دولة الإسلام والمسلمين، إنها دولة المآذن، دولة يتردد أصداء أصوات حفظة القرآن فيها من رجال ونساء وشباب وأطفال بين السموات والأرض ويسمعه البحر والطير والسمك، أنتم يا شعب البحرين يا من تستغفر لكم الملائكة، ويا من يحبكم الله الذي أنجاكم من طغيان فرعون وأتباعه كما أنجا موسى، ووالله إن الله سينجيكم ما دمتم على قلب واحد يجتمع على نصرة أرضكم البحرين أرض أجدادكم.. إنها البحرين تناديكم اليوم كي تسجلوا انتصاراً يضاف في صحفكم التي ستنشر يوم القيامة، عندما التزمتم الجماعة وأطعتم ولي أمركم.. فلأجل البحرين ولأجل أجيالكم ولأجل نصرة أمة الإسلام لا تحققوا أمل عدو يراهن على أنكم لن تجتمعوا مرة أخرى.