إخفاق مجلس النواب في الفصول التشريعية الثلاثة الماضية في تحقيق مكاسب ملموسة للمواطن تنعكس على معيشته وظروفه الحياتية ومستقبله بشكل مباشر جعلته يتخذ منه ومن المترشحين للفصل التشريعي الجديد موقفاً سالباً، دون أن يعني هذا تفريطه في حقه في الانتخاب، وما بذل من أجل هذا الاستحقاق على مدى سنين طويلة، حيث انتقاد المجلس وإبداء الملاحظات على أدائه لا يعني إلغاءه والتخلي عنه أو السير في طريق المقاطعة.
يقول قارئ تعليقاً على بعض ما تم نشره هنا أخيراً من مقالات تناولت الشأن الانتخابي إن «الشيء الوحيد الذي يعرفه المواطن هو أن الذي تريده الحكومة هو الذي يصير»، في إشارة إلى أن النواب لم يقدموا ما يقنع الناخبين، وأن المجلس كان دون القدرة على اتخاذ القرارات، ويضيف «مجلس النواب مجرد بهرجة للخارج لا أكثر ولا أقل».
أما عن مستوى المترشحين للمجلس الجديد؛ فاختصره أحدهم بقوله «معظم المترشحين دون المستوى، حتى الناس ما تعرف من (أخس) من الثاني، والله ما نعرف نختار من هذه المرة»، وهو للأسف صحيح، فكثير من المترشحين غير معروفين ولم يشهد لهم المواطنون أفعالاً تدفع في اتجاه انتخابهم، مع التحفظ طبعاً على كلمة «أخس».
وتعليقاً على جملة وردت في مقالي الأخير ملخصها أن الأهم من الوصول إلى المجلس هو العطاء، علق قارئ بقوله «هل هناك من المترشحين من له هدف غير الوصول إلى البرلمان؟»، مبيناً أن «ما يقدمه المترشحون من برامج انتخابية ليست إلا عرضاً تجارياً»، ولافتاً إلى «قلة أعداد أصحاب الخبرة الذين آثروا التزام منازلهم بعدما رأوا هذا التدافع على الترشح» من قبل أناس أكثرهم دون المقدرة على العطاء عبر هذا المجلس الذي يتطلب خبرات وتخصصات كي يتمكن من القيام بواجباته. القارئ انتقد بمرارة مسألة غياب المعايير وشروط الترشح وحصرها في أن يكون المتقدم لشغل كرسي في المجلس النيابي يعرف القراءة والكتابة فقال «هل يستطيع من يملك القراءة والكتابة فقط أن يضع تشريعات تتعلق بمستقبل الأمة؟ هل يعرف معنى الاقتصاد أو التطورات المحلية والإقليمية ليرسم لنا مستقبل أطفالنا؟».
بينما اختار قارئ ثالث أسلوب السخرية مما يجري حين كتب «لا أعتب على السلطة التنفيذية ولا ألومها بل أشد على يدها إن مررت قوانين عبر البرلمان أو طبقتها من دون الرجوع إليه، فكلنا شاهدنا وتابعنا جلسات المجلس وكيف أن أداءه لا يرتقي لأعضاء ناد رياضي أو جمعية خيرية»، وأضاف ولكن بألم وحسرة واضحين «أهكذا نريد البحرين في الوقت الذي يشيد بتجربتها القاصي والداني؟ أهذا ما نتطلع إليه من مجلس يفترض فيه المجتمع صياغة قوانين وتشريعات تستفيد منها أجيالنا القادمة؟ هم لم يستطيعوا مراقبة حضورهم في الجلسات المنعقدة، وتعاملوا معها كحضورهم حصة عربي أو حساب لا يرغبون في حضورها، فلا يكون ردة فعلهم إلا التغيب والتسرب والتمارض». ويخلص القارئ إلى أن المرشحين يبحثون عن مصالحهم الخاصة فيقول «نعم المرشحون يتطلعون إلى المجلس ولا يهم الأداء، فالرئيس سيتعامل معهم كوزراء وليس كأطفال ولا تهم النتائج».
ومع هذا لم يعتبر القارئ، كما الآخرون الذين انتقدوا أداء المجلس، هذه الأمور سبباً يدعو إلى مقاطعة الانتخابات باعتبار أنها استحقاق ومكسب ينبغي عدم التفريط فيه.
المثير واللافت هو أن البعض يعتقد أنه طالما أن المواطن قرر عدم مقاطعة الانتخابات فإن هذا يعني أنه يقبل المجلس على علاته، وهذا غير صحيح، فعدم المقاطعة لا تعني التوقف عن الانتقاد والقبول بأي أداء، حيث المجلس هو مجلس المواطنين وما الذين يشغلون مقاعده إلا نواب عنهم اختاروهم ليمثلوهم ويتحدثوا بالنيابة عنهم ويحققوا لهم وللوطن المكاسب.