كان متوقعاً إعلان جمعية الوفاق عزمها إعادة تقديم طلب فتح فضائية خاصة بها، فإطلاق فضائية «العرب» من البحرين، الأحد الماضي، كان كفيلاً بإحياء هذا الأمل، ما يثير الكثير من الأسئلة عن الإمكانات المادية لهذه الجمعية، ذلك أن إنشاء فضائية يحتاج إلى مبالغ ضخمة لا يمكن أن تكون في حوزة جمعية سياسية تعتمد على اشتراكات أعضائها ومعونة من الوزارة المعنية بالجمعيات السياسية، فمثل هذه المداخيل لا يمكن أن تؤسس مجلة شهرية؛ فكيف بفضائية تبث برامجها على مدار الساعة ويعمل فيها عشرات الموظفين؟
طبعاً الكل صار يعرف اليوم أن فضائية «اللؤلؤة» التي تبث من لندن تابعة لجمعية الوفاق، ولاتزال التساؤلات عن المصادر التي تعتمد عليها هذه الجمعية في تمويل هذه الفضائية من دون إجابة واضحة، خصوصاً مع ترديد الوفاق بأنها ليست تابعة لها رغم سيطرة برامجها وأخبارها عليها، ورغم عدم خلو دقيقة واحدة من ساعات بثها الأربع والعشرين من صورة لأمين عام الوفاق أو لقطة تتضمن تصريحاً نارياً له.
من هنا يبرز السؤال عن مدى قدرة جمعية الوفاق على تحمل نفقات إنشاء فضائية جديدة تحلم بها وتسعى إليها، خصوصاً وأنها لاتزال «تحن» على الحكومة لتمنحها إجازة إصدار صحيفة يومية؟ باختصار من أين للوفاق أن تأتي بكل هذه الأموال التي تتطلبها هذه المشاريع التي تحتاج إلى الملايين وليس «الربابي»؟
الوفاق اعتبرت التصريح بإطلاق قناة «العرب» من البحرين إزالة للأسباب التي تمنع الحكومة من منح الجمعية تصريحاً بإطلاق فضائية خاصة بها من البحرين، فقالت في بيان أصدرته إنه «لم يعد هناك ما يحول دون الموافقة على طلب فتح قناة فضائية بعد الموافقة على فتح قناة (العرب)» (يعني لم يعد لدى الحكومة حجة لعدم قبول طلب الوفاق إنشاء فضائية خاصة بها)، مبررة إعادة تقديم طلبها بذلك وبأنها «تطمح إلى السماح بالتعددية في وسائل الإعلام في البحرين بدلاً من الأحادية»، حسب تعبيرها، فـ «الأحادية»، حسب تعبيرها أيضاً، هي التي «توفر بيئة التخلف وشيوع الفساد والتراجع»!
كان مدير عام فضائية «العرب» جمال خاشقجي قد قال قبل انطلاق بثها بفترة إنه لن يكون مستغرباً لو أن القناة استضافت وجوهاً من «المعارضة»، وأراد بذلك القول إن القناة ستكون منفتحة على الجميع ولا تخدم طرفاً بعينه، وهو ما يمكن أن يصنف في باب الترويج للفضائية، ولعل هذا هو ما شجع الوفاق على المضي في التفكير في إنشاء فضائية خاصة بها، وشجع فضائية «العرب» على بث تصريح لمساعد أمين عام الوفاق خليل المرزوق في أول يوم لها. ولعل هذا هو ما دفع الوفاق لاستغلال الفرصة وتهنئة قناة «العرب» ببدء البث والتعبير عن تمنياتها لها بالنجاح و»التأثير» و»الانفتاح على كل الأطراف والتعددية والإنصاف في طرح واستيعاب الآراء والأفكار المتعددة والمختلفة بموضوعية وتجرد».
منطقاً من حق جمعية الوفاق أن تحصل على تصريح بإنشاء فضائية خاصة بها لو كان القانون يسمح بذلك، تماماً مثلما هو من حق الجمعيات السياسية الأخرى وأصحاب رؤوس الأموال أن يحصلوا على مثل هذه التصاريح، ولكن منطقاً أيضاً مهم التساؤل عن المصادر التي تعتمد عليها الوفاق لتمويل مثل هذه الفضائية، خصوصاً وأنها تمتلك فضائية أخرى تبث من لندن، ولا شك أنها تكلفها الكثير يومياً، خصوصاً وأنها تخلو من الإعلانات التجارية التي يمكن أن تغطي ولو جزءاً من نفقاتها.
طلب الوفاق السماح لها بإنشاء فضائية خاصة بها كي «تردح» على هواها تأكيد على أنها لا تدرك خصوصية بلدان ومجتمعات الخليج العربي، وتأكيد على أنها غير مبالية بالسؤال عن مصادرها المالية التي تيسر لها إنشاء فضائية أخرى.