ليس من المعيب أبداً أنه «بعد أن شاب يذهب إلى الكتاب»، لكن السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل المقصود بطلب العلم أن يذهب المشيب إلى الكتاب لطلب العلم أو لطلب التفقه بالعلم؟ فإن كان لطلب العلم فعليه المكوث والإنصات الجيد والانتظار ليصل لمرحلة التعلم، أما إن كان لطلب التفقه في العلم فعليه أن يزود غير العالمين بأصول العلم، إن كان على دراية أصيلة به وليست سطحية مقتبسة من أفواه اللذين به فقط يسمعون.
منذ السنة الماضية وأهالي منطقة المحرق العريقة وجيرانها بانتظار أن يزف إليهم خبر افتتاح «مجمع سيف المحرق» في منطقتهم، لما يمكن أن يخفف عليهم عبء التوجه إلى منطقة السيف في المنامة، وقطع مسافة زمنية لا تقل عن 20 دقيقة، ولكن الآن مع الازدحام المتعدد الأسباب والانضباط المنقطع النظير والانصياع إلى قانون المرور الجديد والحذر الدائم من مخالفات الطريق، فقد تضاعفت المدة الزمنية. هذا ولا ننسى جيراننا المقربين والذين هم على قلوبنا محببين والذين يعتبرون منطقة السيف بمجمعاتها التجارية في المقام الأول باباً للتغيير.
لذا فإنني أتعجب! أنه بدل أن تفتح أبواق أعضاء المجلس البلدي الموقر مع أول إعلان لفتح باب المجمع، فأين كانت أعينهم في كل تلك الفترات السابقة؟! إلا أن المصالح وقتها كانت تحكم بالصمت في المقابل كانوا وكأنهم بانتظار ساعة الصفر لتفجير لتلك الطاقات الهامدة والتي أصبحت كالبحر ثائرة، فمن يريد راحة المواطن ومصلحة البلد لا بد من دراسة معمقة لكل سلبية وإيجابية تطرح وإيجاد الحلول العملية والمنطقية وليس فقط بإزاحة الكرة من ملعبه ورميها في ملعب الطرف الآخر، وهو ينظر إليه من بعيد آملاً أن يغلط أو يخطئ ليكون له من الشامتين! فإن كان حقاً كما يدعي هذا الغيور على مصلحة البلد فلا بد أن يقدم له يد العون ويساند أي قرار ممكن أن يصب في مصلحة هذا البلد.
وكلنا على دراية تامة أن الدعامة الأساسية للبلد هي بتنشيط الجانب الاقتصادي والتجاري من خلال الاستثمارات، لسبب بديهي أنه لا يمكننا أن نتغافل عن المناخ الطبيعي الذي يتمتع بالحرارة العالية والرطوبة القاسية مع انعدام الجبال والسهول والوديان والأنهار وقلة الأشجار، ولسنا تلك المنطقة التي تتمتع بالجو الربيعي البديع أو المثلج والبرد والصقيع، إلا أننا نمتلك فكراً مثمراً لحكومتنا الرشيدة التي تمكنت أن تجعل من أرض البحرين الأصيلة طاقة جاذبة للاستثمارات بكل أنواعها.
وإذا كان المجلس البلدي الموقر حريصاً على المصلحة العامة فعليه أن يكون عنصر بناء من خلال سعيه من الجهات الحكومية لتوفير البنية التحتية لمثل هذه المشاريع، وأن يأخذ زمام المبادرة في إيجاد مداخل ومخارج جديدة للمجمع التجاري الذي يعد أول مجمع تجاري يطل على الواجهة البحرية، لا أن يقبع في مقره ويتخذ قرارات غير مدروسة وأغربها؛ إصراره سابقاً على فتح طريق للمجمع من داخل نادي المحرق الرياضي، والسادة الكرام على دراية تامة بأن هذا النادي العريق يقصده شريحة كبيرة من الناشئة والشباب، ووجود شارع في وسطه يعرض قاصدينه للخطر في أي لحظة من خلال حوادث السير. بيد أن أرض النادي ومنشآته تابعة للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، فكان يجدر بالمجلس الموقر أن يقوم بمخاطبة المجلس الأعلى للشباب والرياضة لمعرفة مرئياته قبل أن يقترح مثل هذه الاقتراحات الغريبة.
ومن هنا فإن المجلس مطالب اليوم بالمزيد من التسهيلات لجذب المشاريع الاستثمارية للمحرق العزيزة، وأن يكون المجلس في تنسيق تام مع محافظة المحرق في المشاريع التي تصب في مصلحة المحرق، وأن تتم دراسة المشاريع بطريقة تجذب المستثمرين لا أن تنفرهم من خلال العراقيل والعقبات.
لذا، فلأسباب كثيرة كنت ولا أزال عند رأيي؛ أنه عندما نريد أن نقدم لانتخاب فلان أو علان ليمثلنا في المجلس البلدي أو النيابي لا بد من اختيارنا بمن يتمتع بالمعايير التي تنصفني كمواطن وليس فقط تكون مجارية لتطلعاته ومصالحه الشخصية.