كثر في الآونة الأخيرة الهجوم الإلكتروني، خاصة في خدمة «الواتس آب»، الذي تصدعت رؤوسنا به ولا يغادرنا حتى في حجر نومنا، والهجمة هذه المرة أو ما يسمى بلغة شباب العصر «القصف»، كان صوب البرلمانيين السابقين واللاحقين وما يتقاضوه من مرتبات وميزات يعتبرها البعض إسرافاً وعبئاً على ميزانية الدولة، بل وصل الأمر لبعض المنتقدين إلى اعتبارها سطواً على جيبه وانتزاعاً لقوت يومه. لنكن منصفين وعقلانيين ونضع الأمور في نصابها؛ أليس من حق البرلماني أن يتقاضى أجراً مجزياً لعمله وألا يكون عالة يتكفف الناس؟
ثم كيف له أن يتابع ويستجوب ويلاحق أماكن الخلل في ملفات شائكة لكثير من الهيئات والوزارات والشركات، وبعض منها متعلق في التحقيق في الصرف أو الفساد وهو غير محصن ولديه اكتفاء يمنحه الثقة بالنفس ويقوي موقفه ويجعله صلباً أمام كل المغريات؟
كما إن الكثير منهم كانت لديه مصالح ربما تدر عليه منفعة بعيداً عن أعين الناس، وأفضل بكثير من راتب ترقبه العيون وتلوكه الألسن ولا يهنأ به من كثرة الحاسدين والمتصيدين.
لا أسوق ذلك دفاعاً عن أحد، وليس لدي أي قريب أو صديق حميم في كلا المجلسين، لكنها كلمة حق يجب أن تقال.
دعوة للناخبين بأن لا ينشغلوا براتب النيابي ونوع سيارته وتقاعده، ويغفلوا عن الهدف الأسمى في الوقت الحرج بالبحث والتقصي عن اختيار من هو أهلاً لتحمل هذا الواجب الوطني، فنحن بحاجة إلى العضو النيابي والبلدي المخلص الغيور الذي نتوكل عليه بعد الله ليضع الأمور في نصابها، ويمحص كل القرارات لمصلحة البلاد والعباد ويقرها، لا تحت مصالح شخصية وفئوية أو كتلوية يمررها، ويتابع ويحقق المطالب المشروعة لناخبيه، ويكون دائماً في مقدمة الصفوف ولا يخاف في الله لومة لائم.
فهنيئاً مريئاً لذلك البرلماني كل دينار يتقاضاه إن صدقت نواياه وحقق تحت قبة البرلمان وعوده التي قطعها على نفسه، وأشهد الله الرقيب في علاه.
كن واثقاً أخي المترشح وأختي المترشحة أن المواطن سوف لن يلتفت إلى راتبكم وميزاتكم إن التزمتم ووفيتم معه بعهودكم وأنجزتم له حقوقه وتطلعاته ومثلتموه خير تمثيل، وكنتم كعينه التي يبصر بها ولسانه الذي ينطق به، لذا خذوها نصيحة محب؛ لا تعاهدوا الناس بما لا تستطيعوا الإيفاء به، ولا تثقلوا على أنفسكم بشعارات ووعود تكبلكم وتجعلكم تتوارون عن الأنظار، وربما تعمدوا لتغيير عناوينكم أو قفل هواتفكم واستبدال خطوطكم وجميع وسائل الاتصال بكم، عندها سوف لن يرحمكم المواطن وسيشهر بكم حتى وإن تبرعتم بكل راتبكم وتنازلتم له عن معاشكم