اليوم يتحدد كل شيء، واليوم يكتمل نصاب المجلس التشريعي والبلدي أيضاً، ولا يمكن أن يغير أي مواطن صوته لأي طرف غير الطرف الذي خرج من أجل أن يقول له «مثلني»، ولهذا فإن الأربعة أعوام القادمة تبدأ أوجاعها وهمومها وطموحها وفشلها ونجاحها من هذا اليوم الذي يحدد فيه الناخب شكل برلمانه، وشكل البرلمان لا يتحدد إلا بمستوى وطريقة اختيار النائب، فإن كان نائباً قوياً سيكون البرلمان كذلك، وإن كان ضعيفاً فإن البرلمان سيكون كذلك أيضاً.
في هذا الدور الذي سيعلن عنه قريباً سيتحدد أداء المجلس ولا شيء غير ذلك، وحين يكون الاختيار سيئاً للغاية فإنكم بعد ذلك لن تستطيعوا إلا أن تلوموا أنفسكم، فالأداء السيء للنائب هو بسبب اختياركم للنائب السيء، فاليوم هو يوم الزرع وبقية الأيام القادمة هي أيام حصاد، فكن دقيقاً في اختيار ما سيحدد ويرسم لك شكل مستقبلك.
إن فشل الاختيار الصحيح لمن يمثلك يعني أنك اخترت نائباً فاشلاً في قادم الأيام، وبعد ذلك لا يمكن أن تلقي باللائمة على النائب أو على طريقة أدائه، بل عليك أن تلوم نفسك أولاً وأخيراً، لأنك وحدك من أوصلت هذا الفشل إلى مجلس يمثلك.
في دور الانعقاد الفائت رأينا الكثير من الوجوه النيابية والبلدية التي لم تكن تصلح لأن تكون في هذا المنصب الحساس، وحين وقع الفأس في الرأس، وبسبب سوء اختار الناخب لمن يمثله في المجلس، بدأ يطلق بعضهم عناوين قاسية ربما تعبر عن سخطهم حيال من اختاروه، كنواب «العازة» مثلاً، ونواب المصلحة وغيرها من الأوصاف التي تعبر عن غضب الشارع، لكن يبدو أن الناخب تجاهل عن دوره الأساسي في إيصال هؤلاء إلى المجلس من خلال صوته الفاشل وغير الموفق عشية الانتخابات.
اليوم هنالك صحوة، ولو كانت متأخرة في غالبية مناطق البحرين، والتي تتمثل في عدم انسياق الشارع خلف أسماء رنانة أو جمعيات سياسية معروفة، وهذا بحد ذاته أمر جيد للغاية وينم عن مستوى تطور وعي الاختيار، لكن ما لا يمكن الكلام عنه الآن هو في اختيار البديل الأمثل لمن مثل الناس سابقاً في طيلة أدوار الانعقاد السابقة بمجلسي النواب والبلدي، وكما يقولون، أصبحت الكرة الآن في ملعب الجماهير من الناخبين.
ربما يصل نائب أو حتى ثلاثة نواب من أصحاب «الفشل» إلى مجلس النواب أو حتى المجالس البلدية، لكن أن يصل 30 نائباً أو أكثر بإرادة الجماهير وليس بفعل شيء آخر إلى قبة البرلمان، فهذه تعتبر كارثة حقيقية سيتحمل تبعاتها كل الشعب في الأعوام القادمة.
لا نريد هنا أن نتحدث عن الكثرة والأقلية والأرقام ومسابقات الأعداد والعواطف، فهذا الكلام لن ينفع الآن، بل نريد أن نتكلم عن حقيقة واقعية أكثر أهمية من كل هذا الحديث الحسابي أو الشكلي، وهو الحديث عن أهمية شكل المجلس النهائي الذي يجب أن يكون نافعاً ومفيدا للناس، هذا هو ما ستقررونه اليوم بأنفسكم، فهل ستحسنون الاختيار أم ستنتجون مجلساً كالمجالس السالفة؟ القرار بأيديكم.