بالفعل كان قرار أمس الأول باعتبار مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل توماس مالينوسكي شخصاً غير مرحب به في البحرين قراراً تاريخياً وشجاعاً لحفظ سيادة وهيبة الدولة.هذا القرار لم يتخذ بشكل عفوي، بل جاء بناءً على توصيات المجلس الوطني بغرفتيه «النواب» و«الشورى» خلال يوليو الماضي لاجتثاث الإرهاب، والتي دعت لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التدخلات الأجنبية، وحفظ سيادة الدولة. وهي توصيات جاءت بناءً على المطالب الشعبية المتنامية منذ 2011 بإيقاف التدخلات الخارجية من مسؤولين وسفراء ومنظمات وحكومات، ومن حق أي دولة في العالم اتخاذ الإجراءات المناسبة لها لحفظ أمنها واستقرارها، وضمان سيادتها وهيبتها، ومنع التدخلات والتهديدات التي تواجهها.منذ العام 2011، وواشنطن لم تثبت بعد أنها حليف استراتيجي للبحرين، رغم التصريحات المتكررة حول العلاقات البحرينية ـ الأمريكية.. لأن الحليف الاستراتيجي لا يدعم أطرافاً متطرفة وإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في البلد الحليف.. والحليف الاستراتيجي لا يفرض حظراً على تصدير الأسلحة للبلد الذي تربطه علاقة تحالف استراتيجي.. والحليف الاستراتيجي لا يتدخل في الشؤون الداخلية للبلد الآخر.. والحليف الاستراتيجي لا يتعامل مع مكونات المجتمع بازدواجية المعايير، ويحاول تعزيز الانقسام والطائفية في المجتمع.ليس مطلوباً من الحكومة التبرير الآن، فالشعب بمختلف مكوناته معها دائماً في كافة قراراتها وسياساتها لحفظ الأمن الوطني وسيادة الدولة. ولكن المطلوب مراجعة سريعة للأنظمة التي يتم التعامل بها مع الدبلوماسيين المقيمين في البحرين، وكذلك الدبلوماسيون الذين يزورون المملكة من وقت لآخر. تجربة السنوات الماضية علمتنا الكثير، وتحتم علينا سرعة التكيف مع الظروف، وتطوير الآليات بما يتناسب مع مصالحنا الوطنية العليا. من المهم جداً أن تسرع وزارة الخارجية في تقييم نظام التعامل مع الدبلوماسيين الأجانب، بحيث يحفظ النظام هيبة وسيادة الدولة، ويضمن عدم التدخل في الشؤون الداخلية. ولذلك مطلوب تطوير آلية لقاء الدبلوماسيين مع مؤسسات المجتمع المدني، ومكونات المجتمع، والشخصيات العامة، بحيث تكون هناك آليات للإخطار والموافقة المسبقة، مع ضرورة إعلام الجهات المعنية في الدولة بما يدور في مثل هذه اللقاءات لضمان منع التدخلات في الشؤون الداخلية، وحماية لمصالح كافة الأطراف، ومن المهم أيضاً أن يحضر ممثلون عن الجهات المختصة مثل هذه اللقاءات التي تتم لمعرفة ما يدور فيها. مثل هذه الآلية لا تعد تقييداً للعمل الدبلوماسي، ولا انتهاكاً للأعراف الدبلوماسية المعمول بها، بل هي موجودة في كثير من بلدان العالم من أجل حماية العلاقات الثنائية والدولية، وحفظ الأمن والسيادة الوطنية، واحتراماً لاتفاقية فيينا (1961)، والتزاماً بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى الوارد في ميثاق الأمم المتحدة (1945).يوسف البنخليل