يبدو أن الحرب غير متكافئة على الإطلاق بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبين العدو الصهيوني المجرم، فالأول لا يملك سوى بعض الأنواع من الصواريخ التي تطلق في أجواء فلسطين المحتلة، بينما يملك الآخر الطائرات والصواريخ والدبابات والبارجات والراجمات والرادارات والمخابرات، وكل ما يخطر في بال البشر من جميع أنواع الأسلحة الفتاكة.
ربما يملك الأول ما لايملكه الثاني، فالأول يملك الإيمان بعدالة قضيته وتمسكه بخيار الأرض والمقاومة، بينما لا يملك الصهاينة هذا الخيار الصعب، ولهذا فإنهم يلجؤون إلى استخدام العنف وكل أشكال القوة في وجه الفلسطينيين، شاء من شاء وأبى من أبى.
حتى كتابة هذه الأسطر، فقد استشهد من الفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة جراء القصف الصهيوني الوحشي نحو99 شهيداً و670 جريحاً، بينما لم يسقط حتى هذه اللحظة أي صهيوني، بالرغم من الرد العنيف للمقاومة الفلسطينية ضد المناطق المحتلة في فلسطين، وهذا مؤشر واضح على مدى الإمكانيات والجاهزيات التي يتمتع بها كل منهما على صعيد حسم المعركة ورسم الأهداف بكل دقة.
إن الصواريخ الصهيونية التي استهدفت الإخوة في فلسطين لم تنل من أبنائها المقاومين، فحتى هذه اللحظة لم يسقط منهم أي شهيد، سواء من حركة حماس أو من أبناء الجهاد الإسلامي، بل كل من سقط من أهالي قطاع غزة جراء الغارات الصهيونية، هم مجموعة من المدنيين العزل، خصوصاً من النساء والأطفال والشيوخ.
هذا الوضع وتلك الأرقام التي ذكرناها تعطينا يقيناً واضحاً أن ضحايا هذه الاعتداءات البربرية الصهيونية لا تنال إلا من أجساد الأبرياء فقط، ولن تستطيع النيل من المقاومين أو من عزيمتهم شيئاً، فالحرب بين المقاومة والصهاينة لم تبح بكل أسرارها بعد، ولن تستطيع إلا أن تكون حرباً غير متكافئة كما قلناها بين آلة الفتك والذبح وبين جموع الأبرياء، أما المحاربون من الطرفين فإنهم في أفضل مأمن، وذلك لطبيعة الصراع الميداني الذي يحتم أن يكون كل طرف من أطراف الصراع المسلح مستعداً للعمل وفق تكتيكات عسرية يخرج منها بلا أدنى خسائر، ولهذا يكون الإنسان المدني الفلسطيني دون غيره هو الضحية في هذه المعارك والسجالات العسكرية.
من هنا يتوجب على الأمم المتحدة والجامعة العربية خصوصاً، وعلى كل دول العالم التدخل السريع لوقف الانتهاكات الصهيونية الصارخة ضد المدنيين فوراً، كما يجب على الدول العربية أن تتخذ موقفاً صريحاً من مجازر غزة ولو كلفها بعض الخسائر السياسية كما يعلم جميعنا، فاليوم هو الحدث لكن ما سيكتبه المستقبل، هو الذي سيحدد شكل تاريخنا العربي الحديث، فهل ننجح كعرب ولو لمرة واحدة في الوقوف عند الجهة الصح؟ وهل سنكتب تاريخنا بمواقفنا الشجاعة والمشرفة تجاه القضية الفلسطينية؟ أم سنظل كما نحن آخر من يتكلم ومن يعلم ومن يعمل؟ نحن وحدنا من يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة البسيطة جداً.