اليوم هو السبت، الثاني والعشرون من نوفمبر لسنة 2014، أحد أيام البحرين المجيدة، سيسجله التاريخ بأحرف من نور، وسيصفه بالكثير من العبارات، ملخصها أن البحرين استطاعت أن تنجح في تنظيم الاستحقاق الانتخابي رغم كل محاولات التخريب التي اجتهد البعض فيها، حتى ظن أن جهوده ستكلل بالنجاح.
اليوم واحد من الأيام العصيبة على الذين اختطفوا اسم «المعارضة» وتدثروا به، وأوصلتهم أوهامهم إلى حد أنهم ظنوا أنهم سيتمكنون من إفشال الانتخابات. لم يتوقعوا أن النتيجة لن تكون في صالحهم، ولعلهم يعتقدون حتى اللحظة أن المقاطعة التي أعلنوها ستؤثر على مسيرة هذا اليوم.
الحكومة لعبتها صح؛ اتخذت قرار عقد الانتخابات في موعدها رغم أن الكثيرين اعتقدوا أن الأمر صعب وأنه مغامرة، وهي نظمت العملية بطريقة تمكنت بها من إشهاد العالم على «المعارضة» وبينت له أنها دون القدرة على قراءة الواقع قراءة صحيحة، وأنها لاتزال تعاني من اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، أي أنها تفتقر إلى الأدوات التي تعينها على أن تشتغل سياسة.
اليوم سيشهد العالم كيف أن من دعوا إلى مقاطعة الانتخابات وإفشالها فشلوا وضاعت كل جهودهم وخسروا الكثير ممن تعاطف معهم في فترة سابقة لسبب أو لآخر، ويكفي النظر في أسماء المتنافسين على مقاعد مجلس النواب والمجلس البلدي للتأكد من أن الشيعة الذين اعتبرت جمعية الوفاق كل فرد منهم عضواً فيها -أراد أم لم يرد- نظروا إلى مصلحة الوطن ومصلحة المواطنين ومستقبله ومستقبلهم واتخذوا قرارهم بالمشاركة ترشحاً وانتخاباً.
لا يمكن لمجموعة لاتزال في أول طريق العمل السياسي أن تخرب انتخابات تقوم بتنظيمها دولة ورجال تمرسوا في السياسة وخبروا الدنيا، ولا يمكن لشعب مثل شعب البحرين أن يسمح لمثل هؤلاء أن يضحكوا عليه ويضعوه حيث لا يليق به، حتى وإن ضربوه على الوتر الحساس واستغلوا الدين والمذهب واستفادوا من كل خطأ أو تقصير.
ليس شعب البحرين الذي يمكن لهؤلاء أن يستغلوه ليعمل ضد نفسه، ولهذا فإنه في يوم كهذا اليوم الذي يجد نفسه فيه أمام فسطاطين لا يختار إلا الطريق الذي يوصله إلى المستقبل ولا يرفض إلا الطريق الذي يوصله إلى المجهول.
شعب البحرين تعلم كثيراً من تجربة السنوات الأربع الأخيرة، ففي نهايتها وصل إلى قناعة ملخصها أن الذين يدعمون أولئك الذين قبلوا على أنفسهم الإساءة إلى وطنهم وقيادته وحلموا بما لا يتسق مع الواقع لا يريدون الخير للبحرين؛ وإنما يسعون إلى مصالحهم، ومصالحهم فقط. لهذا فإن هذا الشعب لم تنطل عليه كل القصص التي تم توظيفها في الفترة الأخيرة كي ينغص على البحرين الفرحة بهذا اليوم الذي ناضل الجميع من أجله سنين طويلة، وكللها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالقرارات التي أذهلت العالم ومهدت الطريق للبدء في المسيرة الديمقراطية.
ليس صحيحاً ما أشيع في اليومين الماضيين من أن الحكومة ستعاقب من اختار المقاطعة، فمن أطلق هذه الشائعات أراد أن يسيء إلى البحرين التي تؤمن بالديمقراطية وتقول ببساطة؛ إن صوت المواطن حقه، أي أن بإمكانه أن يشارك أو يقاطع، وتقول أيضاً إن هذا الصوت أمانة وينبغي عدم التفريط فيه، لكنها أبداً لا تهدد ولا تتوعد أحداً من الذين اختاروا التفريط في أصواتهم في هذا الاستحقاق، لأنها تعلم وتعلم الآخرين بأن الديمقراطية تعني الحرية وتحتم القبول بنتائج الانتخابات أياً كانت.
في هذا اليوم البحرين تنتصر، وفي نهايته تبدأ أولى خطواتها في المرحلة الجديدة التي ألمح إليها جلالة الملك وعضيداه رئيس الوزراء وولي العهد وبشروا بها.