جميعنا يستنكر الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، فهو عدو للبشرية ولا يمت للنفس الإنسانية التي خلقت سوية لا تعرف الحقد والضغينة، إلا أن التعصب هو السبب في انتشار الجريمة التي تطورت إلى أن أصبحت ظاهرة للإرهاب، وما وقع في فرنسا مؤخراً لا شك مرفوض، وهو لا يمثل الإسلام ومن قام بهذا الفعل فإن الإسلام منه براء، فديننا الحنيف دين الوسطية والاعتدال دين السلام والتسامح.
كلنا نحارب الإرهاب أياً كان مصدره، فما حدث في صحيفة «تشارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة من قتل للأرواح نستنكره ونؤكد على ذلك، إلا أن هذا العمل الإرهابي يحدث في دول عديدة من دولنا العربية والإسلامية، تزهق الأرواح ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ، ولا نرى دعوات لمسيرة مليونية تناهض العنف أو تستنكر ما يحدث لأبناء المسلمين، بل بالعكس هناك من هو مشارك بصمته إزاء ما يحدث للشعب السوري اليوم الذي أنهى أربعة أعوام وقتل منه ما يقارب 195 ألف شخص، ولا نرى العالم يحرك ساكناً ويقف متفرجاً.
كان تصريح رئيس الحكومة الفرنسية موفقاً حينما أعلن أن بلاده تحارب الإرهاب والتطرف وليس المسلمين؛ إلا أن تعبيره بأن الحرب هي ضد «الجهادية»، وهو لا يعلم بأن الجهاد في سبيل الله هو ضمن عقيدة المسلمين. فالجهاد ضد الخطأ وصد من يحاول أن يحارب الله ورسوله، وحقيقة أن الصحيفة تعمدت نشر كاريكاتير في صفحتها الأولى يسيء لرسولنا الكريم عليه السلام وكأنه رد منها على ما حدث من عملية إرهابية، قلنا ونؤكد أن الإسلام بريئ منها ومن فعلها لا يمثل ولا يمت للإسلام بصلة.
وفي الحقيقة بدل أن تتوقف الصحيفة عن نشر الصور الساخرة المسيئة لمشاعر المسلمين في العالم نراها تنشر عدداً خاصاً يصل إلى 3 ملايين نسخة بست لغات، منها العربية، تحمل على غلافها صورة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فيها إساءة وتثير الكراهية ولن تخدم هذه الخطوة التي أقدمت عليها الصحيفة، أي تعايش سلمي بين الشعوب على أرجاء المعمورة، كما أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من العنف بين المسلمين والمجتمعات الأوروبية، وبالتالي يجب في هذا الوقت توخي الحذر من عدم المساس بأي عقيدة كانت، وأن يتم احترام الأديان بدلاً من التصعيد غير المبرر، لا أن نرى صحفاً عالمية أخرى أعلنت بأنها ستقوم بإعادة طبع غلاف العدد الجديد من صحيفة «تشارلي إيبدو» المسيء لنبينا الكريم، وكان الأحرى بتلك الصحف أن تدعو إلى التسامح والتعايش واندماج المسلمين في الأوساط الغربية والأمريكية.
وما يزيد النار اشتعالاً هو أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت إن من حق الصحيفة طبع رسم كاريكاتيري يرمز للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم على غلافها، غير مبالية الخارجية الأمريكية بمشاعر المسلمين واستنكارهم للإساءة للرسول، وهم يعلمون مكانته صلى الله عليه وسلم في قلوب كل مسلم يعيش في هذا العالم، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن واشطن تؤيد حق الصحيفة في نشر الرسوم، أهذه هي لغة التسامح وتقارب الأديان التي تنادي بها الولايات المتحدة الأمريكية، وهم يعتبرون ذلك حرية وديمقراطية.
ما حدث هو فتنة قد تجتاح العالم بلاشك تقف وراءها دول وجماعات ضغط وأحزاب لا تريد الخير للإسلام والمسلمين وتسعى إلى التدخل في العالم الإسلامي من جديد وبشكل مغاير، كل ذلك باسم مكافحة الإرهاب التي أصبحت إسطوانة من خلالها تدخلت دول وتحكمت في مصير دولنا العربية والإسلامية للأسف نرى آثارها باقية حتى اليوم وما يحدث في الوطن العربي هو نتاج لكل ذلك.
همسة..
نرفض ا?عتداء على المدنيين، ونرفض نشر أية إساءة للرسول الكريم تحت مسمى حرية التعبير، ونطالب قادة العالم الإسلامي بالتحرك الجاد من أجل الدفاع عن رسول الإسلام، وإلا فإن الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه في سورة (محمد) «إلا تنصروه فقد نصره الله»!