لا يختلف أحد على رغبة وطموح حكومة مملكة البحرين في تقديم الأفضل للمواطن، هذا ما أكد عليه سمو رئيس الوزراء في كل لقاء يجمعنا به، وما نكتبه فيما يتعلق ببرنامج الحكومة وإن اختلف مع وجهة نظر الحكومة إلا أنه يصب في ذات الاتجاه.
اختلافنا حول منهجية تقسيم طريقة طرح البرنامج الحكومي، ما بين خيارين، الأول أن تكون البرامج الوزارية ومعها مؤشرات القياس هي البرنامج الحكومي الذي يقدم للنواب كي تنال الحكومة الثقة؟ الخيار الثاني أن تقدم الحكومة برامج عامة وتؤجل تقديم البرامج الوزارية التفصيلية مع المؤشرات فيما بعد مع الميزانية؟ وهو اختلاف على المنهجية وعلى تفسير المادة 46 وهو على العموم مشروع يطمح لخدمة الحكومة ويطمح لخدمة البحرين كدولة تتطلع إلى التنافسية مع بقية الدول.
تمسكنا بالبرامج الوزارية التفصيلية والمؤشرات مكتوبة ومعلنة كبرنامج لحكومة مملكة البحرين حتى لا تقل البحرين أو تتأخر عما تقدمه بقية الدول في برامجها المعلنة من مؤشرات قياس واضحة ومحددة وسهلة المتابعة وهي منهجية وسياسة ساعدتها كثيراً على تقدم مركزها التنافسي كما ساعدتها على استقطاب الاستثمارات وساعدتها على وضوح الرؤيا لكل الأجهزة الحكومية أن تعمل بتنسيق وترابط، والأهم جعلت من المواطنين شركاء معها في برامجها مما عاد في النهاية على سمعة الحكومة ذاتها وتميزها، البحرين ليست أقل منها.
لنعطي مثلاً عن جزء يسير ونموذج محدد وليس كل البرنامج التفصيلي المعلن حول توجه حكومة دبي على سبيل المثال، وسننتقي الجزء الخاص بمؤشر قياس زيادة إيرادات دبي من السياحة العلاجية لا كل السياحة بل العلاجية منها فقط، كمثال على معنى المؤشرات وفائدة نشرها، فدبي أعطت تفصيلاً لحجم الأعداد السياحية المتوقعة ورقم العائد وموعده والجهات المعنية بتنفيذ هذا المؤشر، لم تر في نشرها قيداً أو التزاماً يهددها بل وضعته تحدياً ساهم في تحفيز أدائها.
فقد توقعت هيئة الصحة في دبي، أن تستقطب الإمارة نحو نصف مليون زائر بقصد العلاج في عام 2020، وبعائدات تصل إلى 2.6 مليار درهم، وبدورها، أفادت دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، بأن لديها استراتيجية بعيدة المدى بخصوص تعزيز موقع دبي كمركز للسياحة العلاجية، مؤكدة أن هذه السياحة تلعب دوراً كبيراً في رؤية دبي السياحية لعام 2020.
ها نحن نرى الموعد 2020 ونرى العائد 2.6 مليار درهم ونرى القطاع «السياحة العلاجية» ونرى الجهات المعنية «هيئة الصحة» و«دائرة السياحة» وهناك مؤسسات ودوائر أخرى لم أحصرها وردت في التقرير كمطار دبي والمنشآت والمواصلات وغيرها ودور وعائد كل منها على هذا القطاع المحدد وعدد الوظائف المتوقعة ووو، وكل تلك المؤشرات لا تشمل كل قطاعات السياحة، بل العلاجية منها فقط.
أما عن السياحة بشكل إجمالي فقد توقعت حكومة دبي أن تصل العائدات السياحية إلى 498.8 مليار درهم في 2018 في الوقت الذي يشهد قطاع الفندقة والضيافة والخدمات السياحية بالدولة ما يزيد على 100 مشروع بقيمة 257مليار درهم. وأوضحت أن الإمارات تضمنت قائمة أكبر ثلاثين دولة في قطاع التجارة حيث زادت حصتها بنحو 150.4مليار درهم لتصل إلى تريليون درهم خلال العام الماضي منوّهة إلى أن الإمارات جاءت في المرتبة الرابعة والعشرين ضمن أكبر الدول المصدرة في العالم.
وقد يقول أحدهم إنها مجرد (توقعات) قد تصيب وقد تخيب ولكننا للتذكير نعيد لكم توقعات ذات الحكومة ومؤشرات قياسها في عام 2006 لنرى ماذا حققت وماذا لم تحقق منها وهي التي ألزمت نفسها علناً بها ونشرتها في الصحافة وتحدثت عنها في برامجها التلفزيونية وصرحت بها لصحف أجنبية. ففي عام 2006 توقعت لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد «أن يدر القطاع السياحي في الإمارات حوالي 172 مليار درهم عام 2016 نتيجة للقفزة النوعية التي يشهدها القطاع السياحي والتطور المضطرد لدولة الإمارات» صحيفة الاتحاد مارس 2006 وها هي الآن تحقق عائداً يفوق 500 مليار درهم أي أن ما حققوه فاق ما توقعوه بأربعة أضعاف.
كما نرى أن نشر المؤشرات وربطها بالبرنامج الحكومي كانت تحدياً إيجابياً لا سلبياً ساعد الحكومة إلى الصعود للأعلى ولم يهددها أو تراه سيفاً مسلطاً على رقبتها.
إن عائدات هذا القطاع ساعدت في تنوع الاقتصاد وساهمت بتحسين مستوى ودخل الفرد فيها وهذا ما نطمح له جميعاً ولا نشك لحظة في مصداقية الحكومة ورغبتها في العطاء والخير لهذا الوطن ولكننا نطمح أن نساعدها في تحقيق أهدافها.
لهذا نحن نقف مع الخيار الثاني وهو أن يكون البرنامج مصحوباً بالمؤشرات بشكل مكتوب وموثقاً ومعلناً، لا ليكون سيفاً على رقبة الحكومة إنما ليكون حافزاً ويكون للمواطن شاهداً ويكون للجميع خطاً واضحاً يسير الجميع في اتجاهه.