في مقارنة مجحفة بحق البحرين مع العراق وسوريا، مرر محامي الشيطان تهديده المبطن للدولة بالأمس متزامناً مع تهديد زميله في ما كان يسمى «حركة أحرار البحرين» علي سلمان بتحويل البحرين إلى عراق ثانٍ إن لم نستجب لرغباته، محذراً البحرين بأن مصيرها كمصير العراق.
فمقال محامي الشيطان بالأمس يحذر البحرين من مصير كمصير النظام السوري أو العراقي اللذين يواجهان الآن احتجاجات واضطرابات لأنهما وفقاً لتحليله أقصيا وهمشا مكوناً من مكونات المجتمع وشطراه وقسماه، وقد تواجه البحرين ذات المصير إن لم تتوقف حسب تصوره عن تهميش مكون من مكونات المجتمع وتدفعه ليكون حاضناً للإرهاب رغماً عنه، فداعش وأمثالها -وفقاً لتحليل محامي الشيطان-جماعات خلقت من رحم الاضطهاد فاحذري يا بحرين حتى لا تتحولي إلى عراق ثانٍ!
أي نوع من الهلوسة هذه؟ وأي درجة من درجات عقدة الاضطهاد أوصلت هذا «المحامي» إلى هذا التحليل المضلل والمدلس؟ المؤسف له أنه لو لم يكن هناك أذن تسمع لهذه الهلوسة لكان كتمها في نفسه.
دع عنك منشأ داعش و من وراءها؟ و من يقف خلفها؟ وكيف خرجت؟ وأي رحم احتواها؟ إنما لنقف عند مسألة مقارنة النظام السوري أو العراقي مع النظام البحريني وقياس مؤشرات الحكم الرشيد كما يسمونه لنرى إن كانت البيئة العراقية والسورية كالبحرينية كما تدعي في إدارتها لمواردها، حتى تتجرأ وتقارن بينهما.
قبل أي شيء آخر لا ندافع عن فساد أواختلال موازين في توزيع الثروة في البحرين إن وجد، فلست هنا لتبرير أي مؤشر لميلان ميزان العدالة وتصوير البحرين على أنها المدينة الفاضلة.
إنما لينظر محامي الشيطان إلى الصورة بشموليتها، والتي تعمد التعتيم عليها وتجاهلها عن سابق قصد وإصرار، فموارد العراق و سوريا الطبيعية تجعلهما من أغنى الدول، خاصة العراق، وليست البحرين بأغنى منهما ولا أكثر منهما دخلاً ومن ثم عليه أن يقارن في نهاية اليوم، ما هو نصيب المواطن البحريني من هذه الموارد؟ و ما هو نصيب المواطن العراقي أوالسوري، بالأرقام وبالإحصاءات وبمعايير وقياسات موضوعية، من هذه الموارد؟
ليرصد -وهو خير العارفين- نصيب الفرد من خلال احتساب كلفة الدواء المجاني الذي وفرته حكومة البحرين في المراكز الصحية على سبيل المثال والتي لا تبعد عن أي منزل سوى بضعة كيلومترات ومن خلال أنواع العلاج المجاني الذي يتمتع به المواطن البحريني بما فيه علاجه الطبيعي، ليحسب كلفة إنجاز معاملاته الحكومية عبر هاتفه النقال وهو جالس في الحمام، ويحتسب كلفة إنارة وتكييف بيته وبعد الصرف الصحي عن منزله وكلفة مياه الشرب التي تصله محلاة وكلفة تعليمه المجاني إلى نهاية المرحلة الثانوية وشبه مجاني في الجامعات ..... وكلفة صناديق التأمين وصناديق التمويل التي توفر للشباب ووووو و إن تعدوا النعمة التي يتنعم بها المواطن البحريني خاصة حين مقارنتها بالعراقي أو السوري لن تحصوها.
المقارنة مستحيلة بين ما يصل للمواطن البحريني من خدمات -كماً ونوعاً- مع ما يصل إلى العراقي أوالسوري وهذه ليست بشهادة من بحرينيين بل بشهادة من سوريين ومن عراقيين لجؤوا للبحرين أخوة معززين مكرمين بين أهلهم هرباً من براميل متفجرة تلقى على رؤوسهم وهم نيام، وهذه الخدمات مع كل تحفظاتنا ورغبتنا في تحسينها إلا أنها تجعل من البحرين جنة يلجأ لها العراقي والسوري والإيراني، هي محصلة ونتائج لم تأتِ من فراغ، بل أتت من آلية وطريقة ومنهج لإدارة هذه الموارد أسفرت عنها، المقارنة تكون بقيمة الدينار البحريني والدينار العراقي، والعراق أغنى من البحرين بعشرات المرات، فإن كنت تشكو من استئثار السلطة من قبل عائلة، فإن الحق يقال رغماً عن أنف الحاقدين أن ذلك الاستئثار قد نجح في إيصال هذه النوعية من الخدمات بهذه الكلفة في البحرين للمواطن وجعل راتبك يصلك آخر الشهر دون تأخير وأنت تستظل في بيتك ومعدل بطالة مواطنيك لا يزيد عن 3.4% و ليس كما دلست قبل أيام وجعلته 20%، ومستوى دخل يعادل عشرة أضعاف مستوى دخل العراقي أوالسوري فإن حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل.
إنما تفريخ الإرهاب واحتضانه يتطلب هذا النوع من الخطاب المضلل الذي تتبناه وهذه الدرجة من التدليس للمتلقي حتى تشحن النفوس وتبرر الأفعال الإرهابية وتجد من يدافع عنها ومن ثم تطالب بتخفيض عقوبتها، هذا النوع من الخطاب يكشف اللغة المشتركة التي تجمع بين أعضاء حركة «تحرير» البحرين وعن أهدافهم المشتركة، ألم يقل «فطحلكم» في الدوار وهو يحاضر وينظر إن أفضل نموذجين عربيين على وجه الأرض هما العراق و لبنان، فلاعجب أن يهدد محاميا الشيطان بتحويلهما البحرين إلى عراق ثانٍ ولا يفصل بين تهديد وآخر سوى أيام!!