فقط أربع دول خليجية وعربية بدأت مساراً كانت البحرين الأحوج أن تسير فيه منذ سنوات، رغم أنها اتخذت خطوات هامة في نفس المسار ولكنها لم تحسم خيارها بعد. السعودية، والإمارات، وأيضاً مصر، وأخيراً الكويت كلها دول واجهت تحدياً كبيراً يتعلق بتصاعد دور الجماعات المتطرفة فيها، وبعضها تطور دور هذه الجماعات على أراضيها لينتقل إلى أعمال إرهابية سريعاً. فاتخذت حكومات هذه الدول خياراً صعباً لمواجهة التطرف الذي لن يتوقف وينتهي ونفذت مجموعة إجراءات قاسية ولكن قساوتها أخف بكثير عندما يتعلق الأمر بالأمن والاستقرار والسلم الأهلي. إذا تمت مقارنة التعامل الحكومي مع الجماعات المتطرفة في هذه الدول سيتضح من استراتيجية التعامل أنها متشابهة. التكتيكات التي تمت تشمل الآتي: أولاً: تصنيف بعض التنظيمات السياسية على أنها إرهابية. ثانياً: ملاحقات قضائية لبعض المتورطين في نشر الفكر المتطرف والتحريض على ممارسة العنف والإرهاب. ثالثاً: إغلاق بعض المنظمات والجمعيات وصل بعضها إلى الحل والتصفية القانونية. رابعاً: إيقاف بعض أنشطة جمع التبرعات وتقنين حركة المال الديني ـ السياسي منعاً لاستغلاله.خامساً: إسقاط جنسية بعض الشخصيات المتورطة في أنشطة ضد الأمن الوطني. سادساً: ملاحقة بعض الشخصيات النشطة التي استغلت أجواء الانفتاح والحريات في شبكات التواصل الاجتماعي التي يتسم خطابها بالتطرف والتحريض على ممارسة العنف والإرهاب.سابعاً: إيقاف بعض الشخصيات عن استغلال المنابر الدينية نهائياً لضمان ترشيد الخطاب الديني بما يحافظ على تماسك المجتمع ووحدته الوطنية. هذه التكتيكات الستة تم تنفيذها في الدول الأربع، والبحرين بدأت في بعضها بتردد ولكنها لم تحسم خيارها بعد، وهو خيار إذا ابتعدت عنه الدولة ستكون نتائجه مكلفة للغاية، وجميع الأطراف ستكون خاسرة. لا يمكن فهم مثل هذه الإجراءات بأنها قمع للحريات واستهداف للحقوق المدنية، ومن يحاول تسويقها بهذه الطريقة فإنه يتجاهل أصل الحريات والحقوق التي لها حد يتمثل بالمساس بالحرية العامة في المجتمع وحرية الآخرين. السبب الرئيس الذي يجب أن يدفع البحرين وغيرها من الدول الخليجية والعربية إلى اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون قاسية هو الحفاظ على الأمن والاستقرار وتماسك المجتمع، ومنع الانتقال إلى حالة الدولة الفاشلة سواءً بالمعايير الغربية أو حتى بالمعايير الخاصة التي يمكن أن تضعها كل حكومة خليجية أو عربية، لأنها حالة خطرة، وتفتح المجال للتدخلات الإقليمية والدولية، والعبث الداخلي من قبل الجماعات المتطرفة، ومن ثم الإسراع في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط.