موضوع عادي جداً، لكنه يتداخل في حياة البشر اليومية، وقد يؤدي للتأثير على مزاجهم، بل قد يقود إلى «تعكير» صفو يومهم بأكمله.
لنسأل قبلاً هنا:
- كم مرة ذهبت لتخليص معاملة في أحد القطاعات في وقت مبكر، فلم تجد أياً من الموظفين قد وصل على الوقت؟!
- كم مرة صادف أن ذهبت لبنك وكان الموظف في مقابلك عابساً في وجهك، ويكاد يضربك حتى من سوء أسلوبه في التعامل؟!
- كم مرة تدخل مستوصفاً وأنت مريض أو أحد أفراد عائلتك، وبدلاً من أن يهدأ روعك يزيد خوفك ويتعاظم قلقك وأنت ترى الممرضة أو الطبيب عابسين في وجهك؟!
- كم مرة حاولت الاتصال على «خط ساخن» لأجل الاستفسار عن أمر ما أو طلب خدمة معينة، فتحولت أنت إلى «صفيح ساخن» لأن الخط يرن ويرن دون أن يرد عليك أحد، ولربما يغلق الخط في وجهك بعد طول انتظار؟!
ربما أغلبنا مرت بهم مثل هذه المواقف في كثير من القطاعات سواء الحكومية أو الخاصة، والرواية تقول بأنه في بعض القطاعات الحكومية تجد هذه الممارسات بشكل أبشع وأفظع.
تصلني حالات يومية وشكاوى من الناس، بعضهم يقول بأنك تنتظر في صف طويل لتخليص معاملتك والموظف مشغول بهاتفه والرد على مسجات «الواتس أب» أو يقوم بإجراء مكالمات. بل أحدهم يقف لتخليص معاملته المالية في بنك والموظف الذي يجري المعاملة يتحدث مع صديقه بالهاتف عن السيارة التي ينوي شراءها. وأخرى تقول موظفة الاستقبال في مستشفى تأخذ معلوماتك وهي عابسة في وجهك ولا ترد عليك بأسلوب لائق!
هذه حالات تحصل، وهي لا تمثل أصلاً أي وجه حضاري للبلد. لكن للأسف الناس متهاونة فيها، فإن كان المسؤولون أنفسهم لا يحثون موظفيهم على التمثل بأفضل أساليب التعامل في إطار «خدمة الزبون أو العميل» فهل ننتظر الدافعية أن تكون من قبل الموظف الذي يعمل وكأنه مجبور على العمل، خاصة أولئك الذين يقولونها بصراحة «نعمل على قدر الراتب»، أو من يأتي متململاً للعمل دون أي دافعية.
في الغرب هناك علوم تدرس معنية بـ «خدمة العملاء» أي «الكستمر سيرفس»، وهي ليست قائمة على جدول بطريقة «افعل، ولا تفعل» بتعليمات بشأن «الابتسامة» و»المعاملة» و»الاهتمام»، بل هي علوم تدرس لها منهجية علمية، وطرائق عمل وخطوات متسلسلة وغيرها من المهارات.
وفي الغرب لا يتم توظيف أياً كان في هذه المواقع المعنية بالتعامل مع الزبائن أو العملاء وبالأخص في المواقع الرسمية التي فيها تعامل مباشر مع المواطنين، إلا بعد برامج تأهيل وتدريب، بحيث يتم ضمان أن من يوضع في هذه المواقع متمكن وقادر على التعامل مع كافة الظروف خاصة تلك التي يكون فيها العميل غاضباً أو مستاء من الخدمة.
التأهيل والتدريب مطلوب في هذا الجانب وبشدة، وذلك للارتقاء بالعمل وحصد استحسان العملاء والمواطنين المراجعين، وأضف على ذلك بأن أغلب قطاعات البلد اليوم سواء خاصة وعامة فيها تعامل حتى مع زوار البلد والمقيمين فيها، بالتالي هي سمعة وشكل بلد أيضاً.
لو أردنا التفصيل والحديث بشأن أساسيات التعامل الصحيح في عملية «خدمة العملاء» ووفق أسس علمية لطال بنا المقام، رغم أنها خطوات بسيطة جداً وسهلة، لكن نترك ذلك للقادم من الأيام، بيد أن الفكرة هنا هي ضرورة تأهيل الناس وتدريبهم قبل وضعهم في هذه المواقع الحساسة، إذ لا يعقل أن يخرج المتعامل بانطباع بأنه تبقى للموظف أن يقول له: «عزيزي الزبون، اضرب رأسك بالطوفة»!
والله لو كانت مسموح بها لقيلت لكثير من الناس، وأنتم أخبر!