يضجون عندما يحارب الفساد في الأرض، وعندما ترسي الدولة ركائز الأمن والاستقرار يستنفرون، وعندما تقطع الدولة دابر الشر يستنكرون ويستكثرون، وهاهم على سحب جنسية البعض يصيحون وينتحبون، كأن ما فعلته الدولة بدعة ومنكر، فمال أولئك الذين لا يتدبرون في شريعة الله التي فصلت عقوبات المفسدين في الأرض بأن يقتلوا ويصلبوا أو يقطعوا من خلاف أو ينفوا من الأرض، وما إسقاط الجنسية إلا أخف الأحكام. فهؤلاء لا يقبلون حكم الله عندما لا يناسب أهواءهم ومزاجهم، فيستشهدون بما لم يأت في كتاب الله ولا هدي نبيه.
فمنهم من عزى إسقاط الجنسية بأنه ينافي الدستور العصري والحضارة البشرية، وهو ما قاله ممثل خامنئي في البحرين في إحدى خطبه، لأنه يعلم تمام العلم أن هذه الجرائم التي ارتكبها الخارجون عن القوانين ليس لها مبرر لا في دين ولا في شريعة، فلجؤوا إلى ديدنهم الذي اعتادوا عليه كلما ضاقت عليهم، فبرروا عدم جواز نزع الجنسية بأن هؤلاء الأشخاص يمتد تاريخ أجدادهم في البحرين إلى 4000 سنة، وهو تبرير لا يقبله العقل؛ أولاً: إن امتداد الأجداد لا يسقط عنهم العقوبات، وهو قانون لم تعمل به أي دولة، فلو كان امتداد الأجداد يشفع لأصبح حكام أمريكا من الهنود الحمر. وثانياً: لا ندري من أي وثائق استخرجت سجلات هؤلاء؟ هل من مركز الوثائق التاريخية أو من المتحف الوطني، أم أن هناك أخشاباً أو أحجاراً نقشت شجرة أجدادهم، ثم أي ملة تقول إن الأجداد يشفعون للأبناء؟ هل شفع سيدنا نوح لابنه أم شفع سيدنا إبراهيم لوالده؟ إذاً لا أنبياء ولا أجداد ولا أحساب ولا أنساب تشفع، حتى لو كان امتداد الأجداد منذ بدء خلق آدم. وهاهي المرأة المخزومية لم يشفع لها شرف قومها ولا شفاعة أسامة بن زيد عندما سرقت، وحكم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع اليد، حيث قال فيها مقولته الخالدة «لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
وقد شهدت بعض الدول الغربية إسقاط الجنسية، ومنها بريطانيا، حيث أسقطت الجنسية عن بعض مواطنيها لحماية أمنها القومي، حيث قالت صحيفة «الأندبندنت» إن وزيرة الداخلية البريطانية أسقطت الجنسية عن 20 بريطانياً، وقد بلغ عدد من أسقطت جنسيتهم منذ مايو 2010 حوالي 37 شخصاً، كما رفضت الداخلية البريطانية توضيح ارتفاع حالات إسقاط الجنسية، وقالت إن الجنسية امتياز وليس حقاً، وإن الوزارة ستسقط الجنسية عن الأفراد عندما تشعر أن ذلك سيكون في الصالح العام.
إذاً الدولة لم تأت ببدعة ولا منكر؛ بل عملت بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله من أجل حماية المجتمع الذي عاث فيه المفسدون سنوات دون رادع، بعد أن ظنوا أن الدولة أصبحت سائبة يفعلون بها ما يشاؤون، ولكن لله الحمد بأن الدولة تلاحقت نفسها قبل فوات الأوان ونفذت القانون، وأن تنفيذ هذه العقوبة في كائن من كان طالما استشعرت أنه قد يكون خطراً على البحرين، وهم كثر لا يحتاجون إلى مناظير ولا درابيل، فقد كشفهم 14 فبراير 2011 وكشفت جرائمهم التي يفاخرون بها في التسجيلات والخطب والبيانات، ويحرضون عليها في كل وسيلة إعلام بعد أن أمنوا العقوبة.
بات على الدولة اليوم ألا تتردد في تنفيذ هذه العقوبة على كل من تسول له نفسه التطاول وإشاعة الفوضى وترويع الناس، لأن ترك تطبيق العقوبات التي فصلها الله سيؤدي إلى الهلاك، كما هلكت دول تساهلت مع المفسدين وقابلتهم بالحسنى والثواب، فما كان منهم إلا أن انتهزوا الفرصة فجندوا أتباعهم ووضعوا يدهم مع أعداء دولهم إلى أن أسقطوا حكامهم وحكوماتهم، وهاهي الدول التي تنفذ القانون في الإرهابيين والمحرضين تتمتع بقوة اقتصادية وعسكرية، أما الدول التي تتباطأ وتتساهل فقد شاهدنا ما حدث لها من كوارث ونكبات أودت بمستقبلها وأضاعت سيادتها، وذلك بعد أن وصل الإرهابيون والخارجون عن القانون إلى دوائر صنع القرار، حتى أصبحت جميع مفاصل الدولة في يدهم، وذلك بعد أن كافأتهم الدولة على عصيانهم وجرائمهم بأن أدخلتهم برلماناتها وتقاسمت معهم السلطة حتى استولوا عليها كلها، وأصبحت الدولة مقطوعة الأيدي مكسوحة الأقدام كلبنان.