«كل يغني على ليلاه.. وأنا على ليلي أغني»؛ غنت ماجدة الرومي ولكن لا أستطع أن أردد معها «آه يا بلدنا آه»، والسبب أنه لا يحق لنا أن نغني كما تهوى أنفسنا ولا نبحر كما تهوى أشرعتنا، فلابد من تحديد وجهة انطلاقتنا، ونعلن كيف سيكون مسيرنا وإلى أي مدى ستكون الانعطافات والانحدارات خال منها مصيرنا؟
فمسؤوليتنا كبيرة عندما ننوي أن نختار، وذلك كي نضمن أن تكون كلماتنا مقروءة وألحانها مسموعة ومعانيها مفهومة ومقاصدها مدروسة، فلابد أن أعي بعملية الاختيار لمن سيمثلني في مجلس النواب الموقر، ويتكلم باسمي واسم الشعب في كل الأوقات، لأنه وللأسف رأيت العجب من بعض الناس الذين يصفون أنفسهم أنهم من الناس، ولكن حقيقة ما يجد نفسه في المكان يبعد عن هذا وذاك، وينسى أنه لولا الناس هو ما صار ووطئ في هذا العنوان. وآخر لا يفهم من الموضوع ما تم وجرى، وكان قد علم أن الشرح ظاهر من العنوان ويبدأ باستقطاب المستشارين من جميع الأجناس ليعطوه بيت قصيد متعدد الألوان.
فكل ما نطمح إليه أن يتم وضع منهج يوضح الأساس الذي يجب عليه المنتخب أن يختار، كي لا يصبح عرضة للقيل والقال، ويبقى حائراً بين صديقٍ قريب أو صاحب بعيد أو جار مكار، وأن يتم نشر السيرة الذاتية مع المقومات العلمية والبرامج القيادية من دون زيادة الفلفل والملح والبهارات.
فأنا لا أريد الابتسامة النكراء؛ اليوم تفتح المجالس وغداً لا نعرف أين يمكن أن نجد صاحب السعادة المختار، وإن حصل وصار فيتكلم مع الناس مع بعيد وكأنه بهم عدوى أو وباء ضار، وكي لا نظلم الجميع فلا شك بأن البعض حافظاً للعشرة ولأهل الدار، ولكنه لا يزال يتصرف بتحفظ ولكن لا يعترض من أخذ صورة معه ليتم نشرها في الإنستغرام.
لابد أن يتم نشر الوعي، ووضع بين أيدي الناس البرامج الانتخابية التي يمتلكها كل مرشح، وماذا ينوي في المستقبل. فأنا لا أزال أسأل وأطالب أين هي «البرامج الانتخابية» للمرشحين؟ ورجاء لا أحد يتكلم ويقول بأنني سأنير شارعاً أو أرصف طريقاً، للآسف فالناس جميعاً تخلط ما بين «البرنامج الانتخابي» و»البرنامج الاجتماعي»، ونسوا أننا في بلد إسلامي عربي أصيل وأهله يعلمون جيداً ما معنى التكافل الإنساني، ولا ننتظر أحداً أن يعلمنا ويبدأ بالمزايدة وكل لحظة في الأحلام يعيد.
فمصير البلد هو أكبر من موضوع المجاملات والإغراءات والإثارات، والسؤال الذي يطرح نفسه؛ هل تم تقييم لكل نائب ماذا قدم وماذا كان ينوي أن يفعل؟
فنحن سئمنا كثرة الشعارات والكلام الموزون، فنحن نريد أفعالاً لا أقوالاً، فمن حقنا أن نستعلم مسبقاً عن الخطة التي يضعها المرشح ليوضح من خلاله أهدافه التي يسعى لتحقيقها أثناء عضويته في المجلس، لذا يجب على هذا المرشح الفاضل أن يأخذ بعين الاعتبار أن مجتمعنا مجتمع ممحص وناقد من الطراز الفعال، ولن تمر عليه الشعارات مرور الكرام.
البلد بحاجة لسواعد من حديد، لحكمة لا تخيب، لتفكير منير وضمير عن الحق لا يحيد.
ولا ننسى بأن أجمل ما يميز هذه الديرة الصغيرة المكان والكبيرة في القلب والاسم والعنوان، لذا فمن السهل أن نردد ما قاله أهلينا أيام زمان في الأمثال «كلنا عيال قرية وكل خي يعرف خيه»