نهاية الأسبوع الماضي تَكرّس دخول البحرين المرحلة الثالثة من التحول الديمقراطي الذي بدأ قبل في العام 2001، وهي مرحلة يتوقع لها أن تكون مختلفة تماماً عن المراحل السابقة لمعطيات داخلية وخارجية.أولاً من المهم أن نستعرض المراحل الثلاث التي مرّت بها الديمقراطية البحرينية، حيث كانت المرحلة الأولى هي مرحلة التوافق على التحول الديمقراطي، وتمثل ذلك في إعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، ومن ثم إقراره في استفتاء شعبي عام حظي بتأييد واسع، وكان بمثابة العقد الاجتماعي للبحرينيين الذين عبّروا عن رغبتهم وإرادتهم في خيار التحول الديمقراطي. ما ميّز المرحلة الأولى أنها كانت قصيرة جداً وسريعة بأحداثها المتلاحقة والمفاجئة، والأهم فيها أنها عكست الإرادة التوافقية في خيار الديمقراطية لدى العائلة المالكة والشعب بمختلف مكوناته وانتماءاته، كل ذلك برغبة حقيقية من جلالة الملك. المرحلة الثانية من مراحل تطور الديمقراطية البحرينية كانت في العام 2002 عندما أجريت التعديلات الدستورية الأولى في تاريخ الدولة، وتحول نظام الحكم إلى نظام ملكي دستوري واستكمال المؤسسات الدستورية بسلطاتها الثلاث الرئيسة، وشهدت المرحلة نفسها إطلاق الحريات العامة، والسماح بتأسيس الجمعيات السياسية لتكون أول دولة خليجية تسمح بإنشاء تكتلات سياسية من الناحية التاريخية. استمرت المرحلة الثانية حتى العام 2012، وخلال هذه الفترة تعاقبت على الدولة ثلاث استحقاقات نيابية وبلدية كانت التجربة الأبرز في تاريخ البحرين. أما المرحلة الثالثة من الديمقراطية البحرينية، فهي التي بدأت عندما أقرّت السلطة التشريعية التعديلات الدستورية الثانية، وصادق عليها جلالة الملك احتراماً للإرادة الشعبية العامة في العام 2012. هذه المرحلة مازالت غير مجرّبة بآلياتها الدستورية الجديدة، وخاصة فيما يتعلق بصلاحيات غرفتي البرلمان، وآلية تشكيل الحكومة التي تقتضي منح الحكومة الثقة السياسية من مجلس النواب المنتخب مقابل الموافقة على برنامج عمل الحكومة، بالإضافة إلى تطوير شروط تعيين أعضاء مجلس الشورى. التفاهمات السياسية الأخيرة التي أعلن عنها نهاية الأسبوع الماضي لم تكن مختلفة كلياً عن التعديلات الدستورية الثانية في 2012، بل تأكد أن هذه التفاهمات تسير وفق نفس المسار الذي توافقت عليه الإرادة الشعبية عندما أقرّت السلطة التشريعية تلك التعديلات، ولكن من المتوقع أن يتم التغيير على بعض الآليات الدستورية وفق تعديلات دستورية سيتولى مجلس النواب بعد الانتخابات المقبلة القيام بها حسب ما يراه مناسباً باعتباره المؤسسة المعنية بإجراء التعديلات على الدستور حسب نصوصه.النقاط الخمس التي تم التوافق عليها من قبل الأطراف المشاركة في استكمال المحور السياسي ضمن حوار التوافق الوطني ليست نقاط جامدة، بل تمثل إطاراً توافقياً عاماً على مسائل لم تحسم في المحور السياسي عندما عقد حوار التوافق الوطني في صيف العام 2011. وبالتالي فإن النواب الذين سيتم انتخابهم نهاية العام الجاري ستكون عليهم مسؤولية تحديد الآليات التفصيلية للنقاط الخمس بما يتمتعون به من صلاحيات دستورية لإقرار تشريعات جديدة، وحتى إجراء التعديلات الدستورية اللازمة. وهذه النقاط لا تمثل قيوداً بل المجال متاح للنواب المقبلين لاقتراح المزيد من التطويرات على المؤسسات الدستورية وصلاحياتها، وآليات العمل فيها، وآليات التعاون فيما بينها بما في ذلك صلاحيات مجلسي الشورى والنواب وغيرها من المؤسسات، ومحددات ذلك كله المصلحة الوطنية وضمان احترام المصالح المختلفة لمكونات المجتمع البحريني.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90