ماذا يعني أن ترسل الخارجية الأمريكية لنا شخصاً له سجل حافل من المواقف المسبقة العدائية وصلت إلى حد القبض عليه والتحقيق معه من قبل جهات أمنية محلية في أحداث هي الأخطر على البحرين؟ فهل كانت الخارجية الأمريكية تجهل تلك المعلومات؟ مستحيل.. وإلا كان إرساله بهذه الخلفية قراراً يفتقد أبسط أصول الدبلوماسية والحصافة والذكاء، إنما إرساله مع العلم بتلك الخلفية جاء متعمداً ومقصوداً لإيصال رسالة محددة للبحرين عبرت عنها الصورة التي نشرتها الوسط لحليفين عملا «ميدانياً» معاً في فبراير 2011 على إسقاط النظام، وجاء الآن ليكمل مهمته متحصناً هذه المرة بمنصب رسمي يجعله فوق المساءلة وفوق السيادة الوطنية ليلتقي بالحليف السابق التقاء نائب أمريكي مع حزب رغم أنه كان ضليعاً معه بمحاولة الأسقاط إلا أنه حزب مع الأسف مازال مرخصاً له مقره وتحت علمه الخاص والحزب يستقبله ويودعه بمثل ما استقبله من حفاوة و تكريم «لم يبق إلا المطار الخاص لهذه الجمعية حتى تكتمل له أركان الدولة»!
لقد حفل رد وزارة الخارجية الأمريكية على العديد من النقاط التي تفتح باب الأسئلة المشروعة حول المنطقة الرمادية التي تورطت بها البحرين على مدى أربع سنوات كسياسة جلبت عليها الأزمات «أنتم سمحتم له بالدخول رغم علمكم بخلفيته» و»أنتم من رخص لجمعية الوفاق رغم علمكم بغايتها وأهدافها» فلم الاستياء من اجتماع الاثنين؟ هل نلومهم إذاً على الاستهانة بنا؟ هل نلومهم على استمرارية تعاونهم المشترك وبشكل معلن هذه المرة ومن خلال رسالة واضحة بإرسال هذا الشخص تحديداً؟ لا أبداً.. نلوم أنفسنا بالدرجة الأولى.
الآن هناك تحول.. طرد هذا الصفيق من البحرين أخرج البحرين من المنطقة الرمادية لأول مرة وجعلها تعلن عن موقفها بشكل محدد من مشروع هذه الإدارة الأمريكية الذي قامرت به بكل مصالحها وخسرتها جميعاً وكانت البحرين آخر معاقلها، لتصطف البحرين بهذا الموقف مع مصر والمملكة العربية السعودية والعراق في مواجهة علنية لهذا المشروع دون مواربة ودون مجاملة استدمت زخمها طوال الأربع سنوات الماضية من تلك المنطقة الرمادية التي لا تعرف فيها موقفاً محدداً من هذا التآمر وذاك المشروع.
إن تأخر البحرين في الإفصاح عن موقفها جلب عليها كل تلك الأزمات والكوارث، وإن محاولتها لتجنب تلك المواجهة هي ما أوصلنا إلى أن يستهان بكرامتنا إلى هذه الدرجة وكأنهم يتعاملون مع أموات أو أشباح لا وجود لهم، فيرسلون من يعلمون أن دولة أخرى لا يمكن أن تقبل استقباله وله تاريخ سابق معها كتاريخ هذا الشخص بتحد وقح وصفيق وتستقبله الوفاق استقبال الحليف بل وتعلن استياءها لطرده.
فإلى متى؟ إلى متى تظل البحرين مفتوحة الأجواء بثغرة اختراق واسعة كالتي تفعلها بنا هذه الجمعية «المرخصة» على حد قول وزارة الخارجية الأمريكية؟ إلى متى تظل موقع مخاطرة ومجازفة للمملكة العربية السعودية ولبقية دول المجلس ببقاء هذه المجموعة تعيث في أرضنا فساداً، إلى متى ترخص الدولة لدولة أخرى داخلها تهدد كيانها تشرع وتفتي وتستقبل وتودع وتهدد وتحرق وتقتل وتدمر وتحرض وتتصل بالخارج وتعلن ألف مرة أنها تدوس بحذائها على الدولة وقوانينها؟
البحرين وجدت قبل أن توجد هذه المجموعة، والشيعة قبلهم وسيظلون، والعلاقات الأمريكية البحرينية كانت على أفضل ما يرام قبل أن يرخص لهذه الجماعة، وممكن أن نستعيد المبادرة فيها كلها، وستبقى البحرين، كما كانت واحة أمن وأمان، بلداً تتعايش فيه كل المذاهب والأديان، وننتقل إلى مرحلة متقدمة من النمو الديمقراطي وستجري الانتخابات وسنحفظ حقنا في أمننا واستقرارنا وسنقلع مسماراً لجحا معروضاً للبيع لأي مشترٍ.. فإلى متى الانتظار؟ فإن كنا طردنا حامي حمى ديارها فهل نعجز عن قطع دابر الفتنة؟!