من المسلمات عند البحرينيين أن حكومتهم حريصة على تطوير علاقاتها الإقليمية والدولية، وكذلك الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تربطها علاقات قديمة إلى النصف الأول من القرن العشرين.
دائماً ما تميزت السياسة الخارجية البحرينية بالاعتدال، والالتزام بمبادئ عقلانية وثوابت لم تتغير يوماً منذ الاستقلال في السبعينات الماضية. وما يؤكد ذلك أن تاريخها الدبلوماسي الحديث لا يشير إلى قيامها سابقاً بطرد مسؤول أجنبي زائر، فمثل هذه الحالات ليست من اعتبارات سياستها الخارجية.
الأسباب التي دفعت لاتخاذ قرار طرد الدبلوماسي الأمريكي معروفة للغاية، وهذه الشخصية تحديداً لها دور سلبي في تاريخ العلاقات البحرينية - الأمريكية نظراً لتدخلاته في شؤوننا المحلية منذ أكثر من عامين، سواءً بكتاباته وبياناته وتصريحاته المعادية باستمرار، أو حتى بتدخله الميداني المباشر بالمشاركة في تجمعات ومسيرات غير مرخصة قبل أن يتولى منصبه الدبلوماسي عندما كان مديراً لمنظمة هيومان رايتس ووتش. لا يهمنا كيف تختار واشنطن دبلوماسييها، فهذا شأنها، ولكن شأننا أن يتم تكليف أشخاص لهم قبول واحترام من شعب البحرين لتطوير العلاقات الثنائية. وأن يلتزم هؤلاء بالمعايير الدولية المتبعة في العلاقات الدبلوماسية مع الدول. لذلك نقول لواشنطن.. شكراً إذا كنت ترغبين في علاقات قوية ووثيقة وتحالف استراتيجي مع البحرين، فابتعدي عن شؤوننا الداخلية حماية لسيادتنا الوطنية، وحماية لمصالحك الاستراتيجية في البحرين. وليست المنامة بحاجة لدعمك أو توجيهاتك أو حمايتك حتى تقوم بالإصلاحات الشاملة (ذات المغزى أو طويلة الأمد)، أو تقوم بتدشين حوار بناء. لأن البحرينيين لديهم القدرة على تحقيق ذلك بأنفسهم وبما يرونه مناسباً وحسب ظروفهم واحتياجاتهم دون حاجة إلى تدخل أحد.
إذا كانت واشنطن تعتقد أنها تدعم الإصلاح والوحدة الوطنية في البحرين باجتماعاتها المتكررة مع جمعية الوفاق وكوادرها، وتمويلها الانتقائي لمؤسسات المجتمع المدني فإنها واهمة. وإذا كانت واشنطن تعتقد أنها تنفذ جانباً مهماً من مبادئ سياستها الخارجية لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها أيضاً واهمة، فالبحرين لم تعرف الطائفية إلا بعد التدخلات الأمريكية التي ساهمت في انقسام المجتمع المحلي إلى قسمين. نقول لواشنطن مرة أخرى، بأننا نقدر اهتمامها بنشر الديمقراطية في العالم، ونشر مبادئ حقوق الإنسان العالمية، ولكننا نعتقد أن هناك بلداناً أخرى أحوج للدعم الأمريكي لتحقيق هذه الأهداف، فهناك العراق وإيران وسوريا كلها من دول الشرق الأوسط التي تحتاج للرعاية الأمريكية الكريمة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إذا كانت بالفعل واشنطن حريصة على البحرين ومصالحها الاستراتيجية وعلاقاتها التاريخية فعليها إيقاف تدخلاتها في الشؤون الداخلية، وإيقاف ازدواجية المعايير، والتعامل القائم على التمييز مع مكونات المجتمع المحلي، والدعم الاستثنائي لمؤسسات المجتمع المدني. نكررها ونقول.. شكراً واشنطن.. ابتعدي عنا.