المؤتمر الحقوقي الأول الذي نظمته جمعية «معاً» لحقوق الإنسان البحرينية يوم الإثنين في المنامة بالتعاون مع المنظمة الدولية الخليجية في الإمارات هو خطوة في الطريق الصحيح نحو تنسيق الجهود الأهلية الخليجية لمخاطبة العالم.
فمن بعد الهجمة الدولية على الدول العربية بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص ومن خلال المشروع الذي أطلقوا عليه مسمى «الربيع العربي» لابد أن تدرك دول الخليج أنها تحتاج إلى خلق قاعدة وكيان تنسيقي يؤسس للوحدة الخليجية المدنية، أكثر مما تحتاج دول الخليج إلى الوحدة السياسية ضمن أنظمتها السياسية ولا تقل تلك في أهميتها عن وحدة القوات المسلحة الخليجية.
أعتقد أننا أدركنا بعد الذي حدث لنا أن الحصن وحائط الصد لمواجهة هجمة التدخلات الدولية على دولنا الخليجية هو مؤسساتنا المدنية الأهلية الشعبية وليست المؤسسات الرسمية الخليجية، لم تعد السفارات والقنصليات بقادرة على القيام بهذه المهمة، المستقبل الآن هو للمؤسسات المدنية «الحقوقية والبحثية والاقتصادية (غرف تجارة ورجال وسيدات أعمال) وغيرهم» هذه هي الجهات التي سيسمح وسيسمع لها العالم، وعليه لا بد أن نبدأ تشكيل هذه القاعدة الخليجية المشتركة لمؤسساتنا المدنية ضمن الأطر الوطنية.
لقد عرفت الجماعات الدينية هذا المنفذ وهذه الثغرة لإقحام الدعم الدولي في الشأن الداخلي خدمة لأجندتها السياسية في الوقت الذي كانت فيه الأنظمة السياسية غافلة وكانت المجتمعات الخليجية أكثر غفلة حتى صحت في أحد الأيام لتجد مندوبي وممثلي ورؤساء وأعضاء منظمات دولية أجانب يدخلون إلى الدار يراقبون ويحكمون ويقيمون ويصدرون التقارير التي يبتزون فيها هذه المنطقة ويستحلبون كل قطرة منها بالتعاون مع الجماعات المنظمة ذات الهيكلية الوحيدة في دولنا العربية وذات شبكة تنسيقية فيما بينها وبينها وبين العالم وهم جماعتا الإخوان السنية والولي الفقيه الشيعية.
لقد خضنا حرباً «أممية» مع تلك المنظمات خلال السنوات الأربع الماضية حاولت فيها تلك المنظمات أن تكون هي من يقرر وهي من يقيم قوانيننا وقضاءنا وسياستنا الأمنية، أن تكون لها الكلمة الفصل، واستخدمت دول أجنبية كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا هذا القفاز كي تتحكم في مشهدنا الداخلي، ومع الأسف بالتعاون مع أفراد وأعضاء تلك الجماعات الدينية على اعتبار أنهم هم ممثلو مجتمعنا الخليجي بعد أن فقد البديل.
باختصار لقد خطف القرار من الشعوب الخليجية، فلم تكن تلك المنظمات تستمع للسفارات وللقنصليات في مؤسسات رسمية تمثل الأنظمة، هي تبحث عن ممثل شعبي أهلي مؤسسي ولم تكن المجتمعات الخليجية تملك من يمثلها غير تلك الجماعات الدينية التي ادعت أنها الممثل الوحيد وأن الشعوب قد فوضتها للتحدث نيابة عنها.
إن الخطأ الذي ارتكبناه في دول مجلس التعاون هو أن الدول كانت تقيد الحراك المدني لكنها لم تتمكن من تقييد الحراك الديني، واليوم عليها أن تدرك أن الحاجة هي عكس ذلك تماماً.
لذا فإن مؤتمر حقوق الإنسان الخليجي الأول هو الخطوة في الطريق الصحيح وتحتاج للدعم وتوفير البيئة والحرية لها لتعمل دون تدخل ودون عراقيل، دعوها تجد وتتلمس خطواتها باستقلالية حتى تجد لها مكاناً دولياً مرموقاً، وقد كانت هناك خطوات لتأسيس مركز بحثي خليجي لكنها خطوات تعثرت لبيروقراطية وتقييد وقلة الدعم، إنما نأمل أن تنتبه البحرين ومعها بقية دول الخليج لأهمية تشكيل شبكة خليجية من جميع القطاعات المدنية وتعد لها إعداداً جيداً يصمد أمام حماية سيادة دولنا ويساعدها في الانتقال إلى مصاف الدول المدنية المتطورة.