بالأمس، ودع العالم آخر يوم من العام الماضي، وذلك بالكثير من الأسى والحزن، حاله كبقية الأعوام الثلاثة الأخيرة التي ودعناها في وطننا العربي، ونحن على وقع الفقد والقتل والدمار والخراب تحت يافطة ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وما أتعسه من ربيع مر على شعوب لم تذق طعم الراحة والاستقرار.
مع كل هذا الكم الهائل من الألم والتشاؤم، ومع كل ما تفرزه حقيقة الوقائع السياسية من قيح قبيح في وجوهنا، إلا أننا لا نملك سوى أن نقول لكل البشرية قاطبة وللعرب خاصة، كل عام وأنتم بألف خير، وسنة جديدة تحمل في طياتها الكثير من الخير والحب والأمل.
أحلى وأغلى الأمنيات التي نتمناها في هذا العام الجديد، تتكثف على باب البحرين، موطني الجميل الساحر، وموطني الذي لو شغلت بالخلد عنه، نازعتني إليه في الخلد نفسي، إذ نتمنى أن تظل البحرين العربية في عامنا الجديد شامخة مرفوعة الهامة، قوية عزيزة صامدة في وجه التحديات، لتظل البلد الآمن لكل من يعيش في ربوعها ونخيلها وبحرها وسواحلها، وبين ناسها الطيبين الوادعين.
البحرين موطننا الذي نعشقه ونموت في سبيله ومن أجله، وهو أنشودة الخلود وأرض الخلود وجنة الخلود، وهو الأرض الثابتة التي تحتضن العابرين من البشر، سواء من الأحبة أو الأهل أو الصحبة أو الضيوف الأعزاء، ولهذا ستظل البحرين مستودع القلب ولغة العواطف ومأوى الكرام وسفينة الحب والأمان والخير والإحسان.
في العام الجديد، سنظل نعمل للبحرين، ونعيش للبحرين، ونعشق البحرين، وندعو للبحرين في السر والعلن، وأن يجنبها الله تعالى كيد الحاسدين والمغرضين والعابثين، لتظل واحة أمن وأمان نستظل كلنا تحت فيئها، كما عهدناها من قبل وهذا الذي نتمناه من بعد.
موطني، نحن لا نملك سواك ملاذاً وسوراً وحصناً حصيناً يقينا شر الأهوال والأهواء والفتن والأرزاء، لهذا ندعو لك في هذا العام الجديد أن تظل كما أنت قوياً عصياً على السقوط، تحتضن كل من يعشقك ويخاف عليك ويفديك بروحه ودمه، وأن يكون 2015 عام حب وخير عليك يا موطني وعلى كل بحريني يعشقك.
نحن على ثقة أن الأوطان تمرض، لكنها لا تموت، وبما أن البحرين هي أرض الخلود، سيكون من المستحيل أن تعتريها لحظة فناء، لأنها أثبتت في تجارب سابقة، كانت أكثر قسوة مما يمر بها اليوم من انعطافات وتغيرات حاصلة وقاسية، بأنها كانت ومازالت كبيرة برجالها ونسائها وشبابها وصغارها، فهي الحب والشرف والأمن والصفاء والنقاء والطهر والعشق. باختصار هي نحن، ونحن هي، ولا يمكن أن ننفك عنها أو تنفك منا، سوى أن يمنعنا الموت عنها، فالحكاية تقول «نحن العابرون وهي الثابت»، وما أجمل «الثابت» في عيون العابرين وقلوبهم.