ظاهرة السيارات المزعجة تعبر عن تدني في الذوق العام لدى الشباب الذين يمارسونها. وتعبر في الوقت نفسه عن تقصير قانوني في ضبط مثل هذه السلوكيات. فقد أصبحت هذه الظاهرة في تصاعد وتزايد وانتقلت من الشوارع العامة إلى الممرات والأزقة داخل المناطق السكنية، وصار الأمر يحتاج إلى تدخل سريع وجاد من وزارة الداخلية.
يصعب فهم السبـب النفســـي الــذي يغـــــري الشباب لتزويد سياراتهم بأجهزة تجعلها مصدر إزعاج شديد أينما حلت. بعض تلك السيارات تعد سيارات فخمة وغالية الثمن ولكنها تبدو مع الإزعاج الذي تصدره كأنها خارجة من (السكراب). هذه الأجهزة حسب وصف أحد الشباب عبارة عن (دبة) ترفع صوت عادم الغاز (الكزوز) وتزيد وتيرة صوته. وجهاز آخر يسمى (النيتروس) يعمل على (تلغيم) السيارة كي تصدر أصواتاً قريبة من صوت الانفجارات.
في السابق كان استخدام هذا الأسلــوب فـــي التعامـــل مع السيارات قاصراً على الشـــوارع الرئيسة والسريعة، وكانت هذه السيارات تتقاسم مع الدراجات النارية الإزعاج وتوتير الوضع في الشوارع. ولكن الملفت أن السيارات الملغمة والمدعمة بأجهزة تضخيم الصوت وزيادة سرعته قد تغلغلت داخل المدن وأحياناً الأحياء، وأن كثيراً منها يعمل جولات مكوكية بين بعض الأحياء بما يشبه عمل الدوريات.
إزعاج السيارات المدعمة بتلك الأجهزة لم يعد يقتصر على وقت معين أو أيام محددة. أذكر أني قضيت أحد أيام عطلة رأس السنة الميلادية في مقهى بمنطقة الرفاع، وكانت السيارات المزعجة تجوب المنطقة منذ الساعة السادسة مساء حتى موعد مغادرتي بعد الساعة التاسعة!! ولا يحتاج الأمر إلى بيان أن تلك المنطقة هي في الأصل منطقة سكنية تقطنها غالبية من الأسر البحرينية، وأن الوقت كان متأخراً، وأن ثمة أطفالاً ومرضى وكبار سن، وأشخاصاً طبيعيين يرنون إلى الراحة يوم عطلتهم، ووجود سيارات من هذه العينة في هذه المنطقة يعد انتهاكاً لحقهم في الراحة ولخصوصياتهم يوم إجازتهم.
السؤال الذي كان يراودني كل خمس دقائق وهو موعد جولات السيارات المزعجة هو أين شرطة المرور ورجال الأمن من هؤلاء الشباب؟ وكيف سمحوا لهم بالتجول الساعات الطويلة في المناطق السكنية دون ردع؟ ألم يبادر أحد السكان بالشكوى للشرطة تجاه هذا الإزعاج؟!
ارتفاع وتيرة الظاهرة الإزعاجية مصحوباً بالتسابق بين السيارات والتفحيط أحياناً يرفع درجة سوء الظاهرة من الإزعاج إلى الخطورة على سلامة الآخرين. وكان يتعين على الشباب المولعين بألعاب السيارات وتساليها ممارستها في المناطق الخالية مثل الصخير أو الحلبة. وكان يتعين على وزارة الداخلية اتخاذ الإجراءات القانونية التي تضبط استخدام مثل هذه الأجهزة المزعجة وتقنن استخدامها، تماماً كما فعلت مع ورق (الرايبون) الذي نظمت درجة استخدامه على زجاج السيارات.
تعمد إزعاج الناس وعدم الاكتراث بسكان المناطق السكنية يعبر عن استهتار نسبة لا يستهان بها من الشباب ويعبر عن سلبية من الجهات الأمنية التي لم تبادر لإدراج هذه السلوكيات ضمن قوائم المخالفات الطويلة العريضة التي أصدرتها في الآونة الأخيرة. وسوف نراقب في الأيام القادمة هل ستتابع الجهات المعنية هذه الظاهرة أم ستعول على تأقلم الناس معها وانطفائها ذاتياً؟