لأجل النفط فليحترق كل الوطن العربي، وليحترق استقراره وأمنه وكيانه وكل ما فيه ومن فيه ومن عليه وليذهب بعد ذلك إلى الجحيم. هذا ما يقوله الغرب اليوم بعد أن أشعل الصراع العربي العربي المقيت عبر ربيعه المزعوم مفتتاً كل جزء منه إلى أجزاء، وبعدها قام بتفتيت المجزأ، واليوم يريد أن يقوم بتفتيت المفتت، ثم تفتيت مفتت المفتت، حتى لا تقوم للعرب قائمة.
ها هي آبار النفط الليبية تشتعل بقوة، فالقذافي قتل وسقطت مبادىء الثورة، وتحولت أغنى دولة عربية نفطية في شمال إفريقيا إلى غنيمة في يد الإرهاب المدعوم من جهات استعمارية لا تريد الخير للعرب، ويبدو أن ليبيا قد أسقطت عملياً من أيدي العرب، وها هي تتجه نحو المجهول.
لأجل النفط فلتتحطم الجيوش العربية وليمت منهم من يموت، هذا كله لا يهم، فالمهم أن يقوم العرب بشراء الطائرات والدبابات والأسلحة من مصانع الغرب، وحينها يمكن أن تدفع ببعض الإرهابيين لتنفيذ عمليات قذرة ضد جيوشنا العربية، بدأ من سيناء ومروراً باليمن وانتهاء بالمملكة العربية السعودية وبقية الدول الأخرى.
لأجل عيون النفط ولأجل البرميل والدولار فلتتحطم نعومة الديمقراطية على صخرة الفوضى التي دعت إليها «كونداليزا رايز»، وحينها لا يهم إن بقيت الدول العربية وشعوبها في نعيم أو في جحيم، ولا يعنيها حينذاك أن يظل العرب تحت جناح الحرية أو الديكتاتورية، ما دام النفط يصل مصانعهم بأمان.
لأجل عيون النفط فلتنته المجتمعات المدنية العربية، ولينتهي عصر الإنسان العربي المثقف، وليبدأ عصر الإنسان البدائي، حتى نعيش كما كنا قبل النفط في الشتات والظلام، فخيرنا يذهب إليهم وشرهم يأتي إلينا.
حين نتكلم عن الغرب فإننا نتكلم عن أنظمة جائرة، لم تتخلص بعد من عقدة العنصرية، ولربما ساعده على ذلك «وأعان عليه قوم آخرون»، هي حقيقة التركيبة الثقافية والمجتمعية للعرب، فوجد الغرب الأجواء كلها مهيأة لأن يخترق وعينا المهلهل ومجتمعاتنا التي ينخر فيها الجهل وتعشعش فيها الخرافة، فكان تحطيم أوطاننا أمراً في غاية البساطة، حيث أن كل الأجزاء معبدة لأن يكون الوطن العربي مخترقاً من محيطه إلى خليجه.
نعم، لأجل النفط أصبح الدم العربي رخيصاً جداً وأصبح النفط أغلى منه بمراحل، فكل المعارك التي نشهدها هي بسبب النفط، وبسبب مصانعهم وأسلحتهم وتجارتهم واقتصاداتهم، إنها الرأسمالية المتوحشة، وهي الحربة التي تمكنت من اختراق صدر العرب وهاماتهم حتى باتوا أسارى في أيديهم.
لأجل النفط دمروا أوطاننا، ولأجل النفط كفرنا بالغرب السياسي، ذلك الوجه الآخر للعنصرية ولكافة المشاريع التوسعية التي لن تنتهي إلا بانتهاء آخر قطرة نفط عربية، ومعها كما يبدو آخر قطرة دم عربي في مشهد تراجيدي بالغ الألم، فهل من مستيقظ؟!