لو كنت ممن هتفوا طويلاً تحت منصة الدوار بشعارها الرئيس البارز للعيان «باقون حتى إسقاط النظام»، لكانت المطالبات اليوم بالمحاسبة بل ربما بالرجم والقصاص من «جوقة المتحدثين» بقيادة خادم الولي الفقيه وأتباعه وأذياله، فنتيجة لما فعلوه من تصعيد وتسخين للأجواء سقط قتلى من كل جانب، بكت عوائل أبنائها ومعيليها ورجال أمن بسبب الدعوات للصدام والسحق وجمل وشعارات إيغال الصدور على المكونات الأخرى وعلى البلد ونظامها.
قالوا إنها ثورة مستمرة ولا حياد عن مساعي تغيير خارطة البلد والاتيان بنظام تأسيسي، وخلق نموذج أيديولوجي مصغر بحسب القياس الإيراني يضع كل الأمور بيد الولي الفقيه، ورغم ذلك يظل المطلب دولة مدنية (كيف لا نعرف!) لكنهم في جانب آخر أثبتوا أن هدفهم فئوي ضيق، لا مصلحة الناس تهم، ولا تحسين المعيشة يهم، ولا محاربة الفساد ولا إصلاح ملف التجنيس ولا زيادة الدخل ولا تعزيز الديمقراطية، بل ما يهمهم (وهو ما أثبتته جلساتهم المعلنة والسرية وتسريبات الوسطاء والسفراء) ما يهمهم تعديل الدوائر لمصلحتهم، وكم وزيراً سيعين منهم، وما يخدمهم فقط.
في هذه الأعوام الثلاثة، كم شخصاً انخدع بهم؟! كم شاباً ذهب ضحية خطاب التحدي والتهديد والوعيد؟! كم عائلة ضاق بها الذرع لأن حياتها غير مستقرة بسبب أن منطقتها واقعة تحت نفوذهم؟! كم بشراً عانوا ومحرضيهم ومن يستعملونهم كوقود محرقة، تارة يجوبون الكرة الأرضية عرضاً بطول، وتارة يرونهم في القصور والاجتماعات، فهل كان لإعمال العقل حضور؟! هل وجه من يتبعهم لنفسه سؤالاً عن مكسبه من ذلك، أم أنها مكاسب من يعتلون المنصات فقط لا غير؟!
حينما خاطبنا عقول الناس المنقادة وراءهم بكل عقلانية وتحضر، وحينما بيّنا تناقضات المواقف والأقوال، وحينما قارعنا الحجة بالحجة بالمنطق والعقل تم شتمنا بأقذع الألفاظ، وتم تخويننا وتجريدنا من وطنيتنا وولائنا لتراب هذه الأرض من قبل رؤوس التحريض، لا لأننا نشتم بسوقية مثلما يفعل أتباعهم بل لأنهم لا يريدون لأحد أن يختلف معهم حتى بالرأي، والأهم لا يريدون لأحد أن يخاطب شارعهم بكلام عاقل ينبههم فيه لخطورة تسليم النواصي والإرادة والقرار لمن يستغل الجموع كأرقام لصالحه. اتهمونا بالطائفية وهم الطائفيون، وحينما تتحداهم بإثبات ذلك مما كتبناه وقلناه يعجزون، يعجزون لأننا لم نكن يوماً أصحاب نفوس تربت وتغذت على الكراهية والحقد المضمر.. لم ننشأ وثقافة التقسيم والتصنيف (سنة وشيعة) تقدم لنا يومياً مع الهواء الذي نستنشقه، بل نحن وبالدلائل ممن كتبنا وقلنا من دافع عن الأصوات المخنوقة بالترهيب لإخواننا البحرينيين الشيعة التي ادعت الوفاق وأذيالها زوراً وبهتاناً بأنها تمثلهم كلهم.
هذه حقيقة تؤلم الطائفيين الذين يدعون إيمانهم باحترام الرأي الآخر، لكنهم يتهمونك بصفاتهم لمجرد أنك تختلف معهم في الرأي وتنتقدهم بالحجج والبراهين، فمن قال إن الوفاق هي شعب البحرين؟! ومن قال إن الوفاق هي المذهب الشيعي؟! ومن قال إن شيعة البحرين كلهم الوفاق؟!
اصحوا من هذا الكذب، فانتقادكم وأنتم من استغل المذهب لأجل السياسة لا يعني انتقاد المذهب! انتقادكم لا يعني أن من ينتقدكم مأجور وعميل. غيركم يحب بلده ويواليه، لكن ذلك لا يمنعه من انتقاد البلد ومسؤوليه بقسوة، لكنكم أنتم من شوهتم صورة هذا البلد الجميل وتعجزون في نفس الوقت من انتقاد من توالون في الخارج، إذ أيعقل من يدعي دفاعه عن حقوق الإنسان أن يمجد سفاحاً مثل بشار الأسد أزهق أرواح الآلاف بينهم أطفال رضع؟! هذا حصل ومنكم من تفاخر به، فأي تناقض مقيت سقيم مريض هذا؟!
الآن بعد كل هذه الشهور ومع كل هذا الألم، لاحظ يا من تبعت الوفاق، لاحظ يا من ضحيت بأعز ما تملك ووصفتهم بالقرابين (وهم قرابين أساساً لمهندسي الانقلاب استخدموهم كأرقام) لاحظ التسريبات وتضارب المعلومات وكيف أن من أوهموكم بأنها ثورة حتى إسقاط النظام سيقبلون بالعمل مع النظام شريطة توزير بعضهم وتعديل الدوائر حسب قياسهم، وذراً للرماد في عيونكم يستخدمون مطلب الإفراج عن المحكومين وهم يدركون أن ذلك لن يحصل لأنه قتل للقانون، كل هذا وفق ما ينشر ويتداول بغض النظر عن صحته، رغم أنه لا دخان من غير نار!
بيت القصيد هنا أن وهم إحياء دوار آخر والقيام بانقلاب آخر لن يحصل، فالدولة ليست غافلة وإن بدا ذلك عبر طول البال وبطء إجراءات حسم الانفلات، والانقلابيون يدركون ذلك جيداً، بالتالي الورقة الوحيدة هي بالخروج بأقل القليل مما يريدون، وكل ذلك على حساب من هتف لهم وراح ضحية لتحريضهم ضد الدولة.
إن كان من وزراء قادمون من الوفاق، فاذهب يا من ذهب ابنك أو أخوك أو أحد أقربائك ضحية لما حصل، اذهب لهم وطالبهم بحقك وحق من رحل من كرسيهم ومكاسبهم ومغانمهم.
اتهموا من خالفهم الرأي بالتبعية والعبودية لدولته، بينما هم من استعبدوا إرادة أتباعهم واليوم إن تأتت مصالحهم بأن تكون مع من باركوا نصب المشانق لهم سيضربون أتباعهم على رؤوسهم دون أن يبالوا.
في النهاية، الوفاق لا تمثل كل الشعب، لكنها تريد أن تخدع كل الشعب بلا استثناء.
قالوا إنها ثورة مستمرة ولا حياد عن مساعي تغيير خارطة البلد والاتيان بنظام تأسيسي، وخلق نموذج أيديولوجي مصغر بحسب القياس الإيراني يضع كل الأمور بيد الولي الفقيه، ورغم ذلك يظل المطلب دولة مدنية (كيف لا نعرف!) لكنهم في جانب آخر أثبتوا أن هدفهم فئوي ضيق، لا مصلحة الناس تهم، ولا تحسين المعيشة يهم، ولا محاربة الفساد ولا إصلاح ملف التجنيس ولا زيادة الدخل ولا تعزيز الديمقراطية، بل ما يهمهم (وهو ما أثبتته جلساتهم المعلنة والسرية وتسريبات الوسطاء والسفراء) ما يهمهم تعديل الدوائر لمصلحتهم، وكم وزيراً سيعين منهم، وما يخدمهم فقط.
في هذه الأعوام الثلاثة، كم شخصاً انخدع بهم؟! كم شاباً ذهب ضحية خطاب التحدي والتهديد والوعيد؟! كم عائلة ضاق بها الذرع لأن حياتها غير مستقرة بسبب أن منطقتها واقعة تحت نفوذهم؟! كم بشراً عانوا ومحرضيهم ومن يستعملونهم كوقود محرقة، تارة يجوبون الكرة الأرضية عرضاً بطول، وتارة يرونهم في القصور والاجتماعات، فهل كان لإعمال العقل حضور؟! هل وجه من يتبعهم لنفسه سؤالاً عن مكسبه من ذلك، أم أنها مكاسب من يعتلون المنصات فقط لا غير؟!
حينما خاطبنا عقول الناس المنقادة وراءهم بكل عقلانية وتحضر، وحينما بيّنا تناقضات المواقف والأقوال، وحينما قارعنا الحجة بالحجة بالمنطق والعقل تم شتمنا بأقذع الألفاظ، وتم تخويننا وتجريدنا من وطنيتنا وولائنا لتراب هذه الأرض من قبل رؤوس التحريض، لا لأننا نشتم بسوقية مثلما يفعل أتباعهم بل لأنهم لا يريدون لأحد أن يختلف معهم حتى بالرأي، والأهم لا يريدون لأحد أن يخاطب شارعهم بكلام عاقل ينبههم فيه لخطورة تسليم النواصي والإرادة والقرار لمن يستغل الجموع كأرقام لصالحه. اتهمونا بالطائفية وهم الطائفيون، وحينما تتحداهم بإثبات ذلك مما كتبناه وقلناه يعجزون، يعجزون لأننا لم نكن يوماً أصحاب نفوس تربت وتغذت على الكراهية والحقد المضمر.. لم ننشأ وثقافة التقسيم والتصنيف (سنة وشيعة) تقدم لنا يومياً مع الهواء الذي نستنشقه، بل نحن وبالدلائل ممن كتبنا وقلنا من دافع عن الأصوات المخنوقة بالترهيب لإخواننا البحرينيين الشيعة التي ادعت الوفاق وأذيالها زوراً وبهتاناً بأنها تمثلهم كلهم.
هذه حقيقة تؤلم الطائفيين الذين يدعون إيمانهم باحترام الرأي الآخر، لكنهم يتهمونك بصفاتهم لمجرد أنك تختلف معهم في الرأي وتنتقدهم بالحجج والبراهين، فمن قال إن الوفاق هي شعب البحرين؟! ومن قال إن الوفاق هي المذهب الشيعي؟! ومن قال إن شيعة البحرين كلهم الوفاق؟!
اصحوا من هذا الكذب، فانتقادكم وأنتم من استغل المذهب لأجل السياسة لا يعني انتقاد المذهب! انتقادكم لا يعني أن من ينتقدكم مأجور وعميل. غيركم يحب بلده ويواليه، لكن ذلك لا يمنعه من انتقاد البلد ومسؤوليه بقسوة، لكنكم أنتم من شوهتم صورة هذا البلد الجميل وتعجزون في نفس الوقت من انتقاد من توالون في الخارج، إذ أيعقل من يدعي دفاعه عن حقوق الإنسان أن يمجد سفاحاً مثل بشار الأسد أزهق أرواح الآلاف بينهم أطفال رضع؟! هذا حصل ومنكم من تفاخر به، فأي تناقض مقيت سقيم مريض هذا؟!
الآن بعد كل هذه الشهور ومع كل هذا الألم، لاحظ يا من تبعت الوفاق، لاحظ يا من ضحيت بأعز ما تملك ووصفتهم بالقرابين (وهم قرابين أساساً لمهندسي الانقلاب استخدموهم كأرقام) لاحظ التسريبات وتضارب المعلومات وكيف أن من أوهموكم بأنها ثورة حتى إسقاط النظام سيقبلون بالعمل مع النظام شريطة توزير بعضهم وتعديل الدوائر حسب قياسهم، وذراً للرماد في عيونكم يستخدمون مطلب الإفراج عن المحكومين وهم يدركون أن ذلك لن يحصل لأنه قتل للقانون، كل هذا وفق ما ينشر ويتداول بغض النظر عن صحته، رغم أنه لا دخان من غير نار!
بيت القصيد هنا أن وهم إحياء دوار آخر والقيام بانقلاب آخر لن يحصل، فالدولة ليست غافلة وإن بدا ذلك عبر طول البال وبطء إجراءات حسم الانفلات، والانقلابيون يدركون ذلك جيداً، بالتالي الورقة الوحيدة هي بالخروج بأقل القليل مما يريدون، وكل ذلك على حساب من هتف لهم وراح ضحية لتحريضهم ضد الدولة.
إن كان من وزراء قادمون من الوفاق، فاذهب يا من ذهب ابنك أو أخوك أو أحد أقربائك ضحية لما حصل، اذهب لهم وطالبهم بحقك وحق من رحل من كرسيهم ومكاسبهم ومغانمهم.
اتهموا من خالفهم الرأي بالتبعية والعبودية لدولته، بينما هم من استعبدوا إرادة أتباعهم واليوم إن تأتت مصالحهم بأن تكون مع من باركوا نصب المشانق لهم سيضربون أتباعهم على رؤوسهم دون أن يبالوا.
في النهاية، الوفاق لا تمثل كل الشعب، لكنها تريد أن تخدع كل الشعب بلا استثناء.