عادة لا أتحدث في القضايا الخلافية حول أحداث 14 فبراير مع زملائي أو أصدقائي (الشيعة) إلا المقربين منهم، الذين يعرفون توجهاتي وقناعاتي معرفة كاملة. ولكن محدثتي، ومعرفتي بها قصيرة جداً، لسبب ما من الألفة السريعة، ودون أن أبادر في أي سؤال، فتحت ردهات قلبها وسال حديثها فياضاً في هذه المسألة، مبينة رأي الغالبية الساحقة من سكان القرى الشيعية الصامتين على جراحهم.
تقول محدثتي، وهي معلمة في إحدى المدارس الثانوية في إحدى القرى: «إن الناس هنا قد سئموا وتعبوا وبدؤوا يعودون لطبيعة حياتهم السابقة بعد أن استنزفهم المستفيدون من الحرق والتظاهر والمتاجرون بمعاناة الناس، خصوصاً وأنهم لم يجنوا شيئاً من وراء كل التضحيات التي يقدمونها فرادى سوى تمزق المجتمع ونظرة الازدراء من الآخرين».
وتتساءل محدثتي في صيغة تعجب: «منذ متى ونحن البحرينيين نحتقر الآخرين، كيف تسربت ألفاظ مثل مرتزقة ومجنسين إلى بيوتنا؟ الرجال في القرى دأبوا على الذهاب إلى إيران والزواج من الإيرانيات، ثم استثمروا أزمة العراق وسوريا للزواج الرخيص من العراقيات والسوريات الجميلات!!، ولدينا العديد من الحالات التي تسافر فيها نساء من القرى الشيعية للزيارة الدينية في سوريا والعراق وتعود بزوج عراقي أو إيراني!!، ولم يعاملهم أحد بازدراء أو يتحدث معهم أحد عن أصول هؤلاء وأصول أبنائهم، يعني حلال عليهم حرام على غيرهم!!».
تسترسل محدثتي إنها لا تخجل من أن تواجه طالباتها بهذه الحقائق، ففي رحلة مدرسية سألتهن في الحافلة: لماذا تخرجن في مسيرات؟ وش عندكم؟ وش ناقصنكم؟ وحين يجبنها الإجابات التقليدية تسخر منهن وتقول لهن إن بعض الفتيات يستغلن المسيرات من أجل التسلية والتعرف على الشباب. ثم تلتفت إلى سائق الحافلة فتجده شاباً قروياً في مقتبل العمر فتوجه حديثها إليه قائلة: وهؤلاء المجانين يصدقونكم، الواحدة منكن تخرج لتستفز رجال الأمن فيلاحقها الشرطي فينبري أحد هؤلاء الشباب السذج للدفاع عنكن وقد يدفع حياته ثمناً لدلعكن، ثم يصير شهيداً بالصدفة!. ثم يحتد صوتها قليلاً وتقول لي: لماذا أدفع بابني كي يموت؟ ما معنى أن يضحي ابني بحياته من أجل الوطن والثورة؟ لماذا لا يعيش كي يتعلم ويعمل ويخدم وطنه وأفرح به وبأبنائه؟
وتسترجع محدثتي أحداث فبراير فتقول: أنا شخصياً لم أخرج في أحداث فبراير ولم أذهب إلى الدوار، وكنت أقول لكل من يدعو للذهاب إلى الدوار أنتم مجانين وسوف تدفعون ثمن حماقاتكم لاحقاً. وحين كانت الطالبات والمعلمات يتظاهرن داخل المدرسة كنت أختبئ تحت الطاولة وكنت أخرج للعمل حتى آخر يوم قبل تعليق الدوام الدراسي، كنت أتخطى الحواجز الصخرية وأرفعها بنفسي، كنت أطلب من زوجي أن يوصلني بسيارته حتى مشارف المنطقة ثم أستقل سيارة تاكسي أو بيك آب. وكانوا يسمونني أنا وأمثالي بالجبناء لكنني لم أعبأ بهم.
وتختم حديثها بقولها لن أخرج أنا أو زوجي وأبنائي لأي مسيرة حتى أرى ابن علي سلمان شهيداً محمولاً على الأكف ومدفوناً تحت الرمال. لكن مادام علي سلمان وأمثاله يدفعون بأبنائنا للموت وأبناؤهم مرفهون في فللهم الفخمة أو يعيشون بين أنهار أوروبا وغاباتها فإن ابني ليس أرخص من أبنائهم.
تذكرت كلام محدثتي وأنا أرى طفلاً جديداً يموت في البحرين ويزف شهيداً في مذبح الثورة المزعومة. وتذكرت جملتها الأخيرة التي هي معيار الصدق والكذب في أي نضال وطني... حتى أرى ابن علي سلمان شهيداً.
تقول محدثتي، وهي معلمة في إحدى المدارس الثانوية في إحدى القرى: «إن الناس هنا قد سئموا وتعبوا وبدؤوا يعودون لطبيعة حياتهم السابقة بعد أن استنزفهم المستفيدون من الحرق والتظاهر والمتاجرون بمعاناة الناس، خصوصاً وأنهم لم يجنوا شيئاً من وراء كل التضحيات التي يقدمونها فرادى سوى تمزق المجتمع ونظرة الازدراء من الآخرين».
وتتساءل محدثتي في صيغة تعجب: «منذ متى ونحن البحرينيين نحتقر الآخرين، كيف تسربت ألفاظ مثل مرتزقة ومجنسين إلى بيوتنا؟ الرجال في القرى دأبوا على الذهاب إلى إيران والزواج من الإيرانيات، ثم استثمروا أزمة العراق وسوريا للزواج الرخيص من العراقيات والسوريات الجميلات!!، ولدينا العديد من الحالات التي تسافر فيها نساء من القرى الشيعية للزيارة الدينية في سوريا والعراق وتعود بزوج عراقي أو إيراني!!، ولم يعاملهم أحد بازدراء أو يتحدث معهم أحد عن أصول هؤلاء وأصول أبنائهم، يعني حلال عليهم حرام على غيرهم!!».
تسترسل محدثتي إنها لا تخجل من أن تواجه طالباتها بهذه الحقائق، ففي رحلة مدرسية سألتهن في الحافلة: لماذا تخرجن في مسيرات؟ وش عندكم؟ وش ناقصنكم؟ وحين يجبنها الإجابات التقليدية تسخر منهن وتقول لهن إن بعض الفتيات يستغلن المسيرات من أجل التسلية والتعرف على الشباب. ثم تلتفت إلى سائق الحافلة فتجده شاباً قروياً في مقتبل العمر فتوجه حديثها إليه قائلة: وهؤلاء المجانين يصدقونكم، الواحدة منكن تخرج لتستفز رجال الأمن فيلاحقها الشرطي فينبري أحد هؤلاء الشباب السذج للدفاع عنكن وقد يدفع حياته ثمناً لدلعكن، ثم يصير شهيداً بالصدفة!. ثم يحتد صوتها قليلاً وتقول لي: لماذا أدفع بابني كي يموت؟ ما معنى أن يضحي ابني بحياته من أجل الوطن والثورة؟ لماذا لا يعيش كي يتعلم ويعمل ويخدم وطنه وأفرح به وبأبنائه؟
وتسترجع محدثتي أحداث فبراير فتقول: أنا شخصياً لم أخرج في أحداث فبراير ولم أذهب إلى الدوار، وكنت أقول لكل من يدعو للذهاب إلى الدوار أنتم مجانين وسوف تدفعون ثمن حماقاتكم لاحقاً. وحين كانت الطالبات والمعلمات يتظاهرن داخل المدرسة كنت أختبئ تحت الطاولة وكنت أخرج للعمل حتى آخر يوم قبل تعليق الدوام الدراسي، كنت أتخطى الحواجز الصخرية وأرفعها بنفسي، كنت أطلب من زوجي أن يوصلني بسيارته حتى مشارف المنطقة ثم أستقل سيارة تاكسي أو بيك آب. وكانوا يسمونني أنا وأمثالي بالجبناء لكنني لم أعبأ بهم.
وتختم حديثها بقولها لن أخرج أنا أو زوجي وأبنائي لأي مسيرة حتى أرى ابن علي سلمان شهيداً محمولاً على الأكف ومدفوناً تحت الرمال. لكن مادام علي سلمان وأمثاله يدفعون بأبنائنا للموت وأبناؤهم مرفهون في فللهم الفخمة أو يعيشون بين أنهار أوروبا وغاباتها فإن ابني ليس أرخص من أبنائهم.
تذكرت كلام محدثتي وأنا أرى طفلاً جديداً يموت في البحرين ويزف شهيداً في مذبح الثورة المزعومة. وتذكرت جملتها الأخيرة التي هي معيار الصدق والكذب في أي نضال وطني... حتى أرى ابن علي سلمان شهيداً.