عندما نتحدث عن سيادة الدولة وعن صلاحياتها، فإن من حقها الأصيل اتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل حفظ أمن واستقرار البلد وحماية أهله والمقيمين فيه وحتى قاصديه للزيارة.
في العرف الدولي الذي يتغنى بحقوق الإنسان والدفاع عنها، فإن حق أي فرد في ذلك يسقط فوراً حينما يتعدى على حريات وحقوق الآخرين، ويظل الحق الوحيد المحفوظ له هو ضمان حصوله على محاكمة عادلة بحسب القوانين وتوكيل محام له إن عجز عن ذلك.
في بريطانيا «أم الديمقراطيات» نجد كل يوم دروساً تطبق في شأن هيبة الدولة وحفظ سيادتها، وبغض النظر عن مواقف بريطانيا الخارجية المرتبطة بمصالح وحسبات وغيرها، يظل الأمن الداخلي البريطاني خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه ولا يسمح حتى لأي دولة أن تتدخل فيه، ولو كانت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها؛ حتى الأخيرة، فليجرب أحد مهما كانت قوته ونفوذه أن يحاول التدخل في شؤونها و»التفلسف» عليها بصيغة «يجب» و»ينبغي» و»يفترض».
قبل سنوات قدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كيفية الحفاظ على الأمن القومي وحماية الناس والتصدي للمخربين وتطبيق القانون بصرامة دون تهاون.
أحداث شغب لندن بينت كيف تتعامل بريطانيا مع أي كان لو فكر أن يتجاوز القانون ويتطاول على حرية الآخرين. أعداد الشرطة تضاعفت في الشوارع، الصلاحيات منحت بشكل واسع، عمليات نشر صور المتهمين والدعوة للإبلاغ عنهم تمت من قبل النظام نفسه، محاولات تدخل بعض جهات حقوق الإنسان تم الرد عليها بحزم بأن «احترموا أنفسكم، والزموا حدودكم، فأمن بريطانيا مسؤوليتنا لا مسؤوليتكم» وليست دولة كبريطانيا ترتهن لبيانات ورقية أو خطابات كلامية إنشائية تصدر من خلف مكاتب مكيفة.
حتى القضاء، أصدر كاميرون قراراً بأن يتم التحقيق والمحاكمات طوال الليل حتى تستوفى المسألة وحتى يطبق القانون بأسرع وقت على من انتهكه.
وبالأمس، وهو خبر ندرك تماماً أنه يقلق كل من هدفه تجاوز القوانين وضرب الأنظمة، بالأمس أعلنت بريطانيا أنها ستسحب جنسية كل من له علاقة بالإرهاب وكل من يتجاوز قوانين حماية المجتمع، وكل من يظن أن الأمن لعبة في يديه.
حينما اتخذت البحرين إجراءات مشابهة بحق محرضين على أمنها واستقرارها وداعين للإساءة لنظامها والانقلاب عليه، وبحق أفراد متورطين مع أنظمة خارجية ودعوا حتى لاستخدام السلاح وإشاعة الفوضى، حينما استخدمت بلادنا حقها في سحب الجنسيات وفرض القانون وإجراء المحاكمات، تباكى المحرضون والانقلابيون وحاولوا تشويه صورة البحرين في الخارج واللعب على نغمة حقوق الإنسان، في حين أن من يدافعون عنهم من تجاوزوا كل أعراف حقوق الإنسان، حينما تعدوا على حريات الناس، وحينما وضعوا أمن البلد في موضع الاستهداف والتهديد.
ها هي بريطانيا تعيد ضرب الأمثلة، وبنفسها الولايات المتحدة لا تتهاون في الموضوع، وغيرهم كثر من دول أوروبية هم أعرق منا في الممارسة الديمقراطية بالنظر للزمن والتاريخ. كلهم لا يتهاونون في تطبيق القانون والضرب بيد من حديد.
نرى الأمثلة أمامنا ولسان حالنا يقول: طيب ونحن ماذا يؤخرنا على تطبيق القانون بصرامة؟! إلى متى أمن أهل البلد مرتهن بيد محرضين ومثيري فتن وكارهين للبلد؟!
القانون لابد أن يعلو وألا يكون أحد فوقه أو بمنأى عن المحاسبة إن هو تجاوز أو أخطأ.