مع بدء ارتفاع حرارة جو الانتخابات النيابية والبلدية وبدء سباق المنافسة القوية بين المترشحين، بدأ بعض المترشحين بالاتجار بملفات عديدة تعتبر ملفات حساسة من قبل المواطنين البحرينيين كمحاولة منهم للوصول للمجلس النيابي والبلدي، ومن بين هذه الملفات ملف الطلبات الإسكانية. فلا استقرار ولا تقدم ولا نهضة دون وجود أسرة مستقرة تمتلك مكاناً يأويها، ولا يختلف اثنان إلى أنه ورغم وجود العديد من الخطط لدى وزارة الإسكان إلا أن نسبة الرضا من قبل المواطنين معدومة، فما أن تبرأ وزارة الإسكان من توزيع عدد من الطلبات إلا ازدادت طوابير انتظار الطلبات الإسكانية طولاً.
شاهدنا وسنشاهد العديد من المترشحين الذين سيتبنون ملف الإسكان، وبدأت أصوات وعودهم تتصاعد مؤكدة على ضرورة توفير سكن لائق لناخبيهم، كما أكد بعض المترشحين بأنهم يمتلكون خططاً لكي يحصل كل مواطن بحريني على سكن، وبعضهم بات أكثر سطحية ووعد أهل منطقته بأنه سيوفر لهم سكناً وبدأ بمطالبة المسؤولين بوجوب توفير السكن اللائق لأهالي منطقته دون غيرهم.
وهنا يجب أن نقف عند ضرورة وجوب أن يعي المترشحون، ولا سيما للمجلس النيابي، بدورهم التشريعي وضرورة تغيير القوانين البالية والقديمة بقوانين أكثر حداثة ومرونة تتناسب مع الأوضاع التي نعيشها لتعم الفائدة على الجميع وتتحقق العدالة المجتمعية.
فلا يعقل أنه في ظل التضخم الذي نعيشه اليوم أن يكون الشرط للحصول على وحدة سكنية (وللتعرف فقط فإن مصطلح وحدة سكنية) يعني به بيتاً أو شقة، أن يكون مجموع راتب الزوجين أقل من 1200 دينار بحريني. فكيف للحكومة البحرينية الرشيدة التي تشجع التسلح بالعمل والاجتهاد وتعمل جاهدة للاستثمار في المورد البشري المحلي أن تضع هذا الشرط المجحف في حق المواطن المجتهد، ولو تحدثنا بمنطق أكبر فإن متوسط رواتب الموظفين الحكوميين في الـ 5 سنوات الأولى لحملة درجة البكالوريوس هو 700 دينار وإذا ما تزوج مواطن بحريني يحمل درجة البكالوريوس وعمره يتراوح ما بين 26 و28 بموظفة من حملة البكالوريوس في نفس متوسط العمر فإنهما لا يستطيعان الحصول على وحدة سكنية حكومية.
وبحسبة منطقية بسيطة سنجد أن معظم الأسر البحرينية التي يعمل فيها الزوجان يتجاوز راتبها 1200. وبذلك هم ينتقلون إلى الخانة الأخرى وهي حصولهم على أرض لبناء منزل العمر، ولكن للأسف فإن مملكة البحرين تعاني من شح الأراضي، ويتبقى قرار أخير هو القرض الإسكاني والذي يمنح قروضاً ميسرة الدفع، ولكن مبلغ القرض لا يكفي حتى لشراء شقة سكنية تتناسب مع حجم وطبيعة العائلة البحرينية، حيث يتراوح مبلغ القرض من 40 ألفاً إلى 60 ألف دينار بحريني.
وقد خرجت لنا وزارة الإسكان بحل جديد وهو «السكن الاجتماعي» الذي يستطيع أن يستفيد منه المواطن غير المستحق للوحدة السكنية، وهو حل لا بأس به؛ إلا أن قوانينه غير منطقية أبداً، حيث يجب على المستفيد من السكن الاجتماعي أن يدفع 10% من قيمة البيت، كما أنه يجب ألا تزيد قيمة البيت المراد شراؤه عن 90 ألف دينار، وفي حالة إذا ما كان البيت سعره أعلى وجب على مقدم الطلب أن يتدبر الفرق في المبلغ، بالإضافة إلى محدودية هذه المشاريع.
10 ملاييـن دينار هي قيمة الدعم الخليجي الذي سمعنا بأنه سيخصص بشكل مباشر لحل مشاكل الإسكان، والمشكلة مازالت تراوح مكانها.
قلق يعتري المواطن البحريني من المستقبل، فإذا كان قدره اليوم أن يعيش هو وعائلته متطفلاً على بيت والده، فكيف سيكون حال أبنائه في المستقبل؟
أتمنى من المترشحين ألا يتاجروا في ملف الإسكان ولا يغالوا في وعودهم لناخبيهم، بقدر ما نريد أن نسمع حلولاً منطقية لحل هذه الأزمة، لا نريد مرشحين غير مسؤولين يزيدون الطين بلة، ويستخدمون هذا الملف من أجل تفكيك المجتمع أكثر وأكثر ويقومون بتقليص ثقة الشعب بقيادته، ولا نريد أن نرمي كل الحمل على الحكومة، فأين هو دور المسؤولية الاجتماعية في ملف الإسكان مثلاً؟ وأين هو دور التشريع لتعديل بعض القوانين التي من شأنها حلحلة هذا الملف المؤرق؟