قال الله سبحانه وتعالى (فاعتبروا يا أولي الأبصار)، وقد قص الله في كتابه أحسن القصص عظة وعبرة لرسوله والمؤمنين فحدثهم عن أمم سابقة أبادها الله وذكر لهم أسباب إبادتها، وقص لهم قصة نبيه موسى كي تكون عبرة كيف ينتصر الحق على الباطل، وهكذا هي لأولي الأبصار.
اليوم أحداث كبيرة تمر، ومنها ما يجري في صنعاء تلك المدينة التليدة، إنها دولة اليمن التي يدب على أرضها الصفويين دباً، حتى وصل دبيبهم من صعدة إلى صنعاء، صنعاء التي تم التخطيط لاختراقها واقتحامها، وها هي خيام الحوثيين تنصب حولها، وها هم الحوثيون يجوعون أهلها حتى ترضخ الحكومة وتتنازل وتسلم سلطة الرئاسة لهم، لأن الدولة أصبحت تقريباً في يد الحوثيون بعد اختراقهم للجيش والأمن وجميع المدن والمناطق، ولم تبقَ إلا رئاسة الدولة فيصبح اليمن العظيم دولة شيعية، وهكذا تتحول دول الخليج إلى دول شيعية واحدة تلو الأخرى، بدءاً من العراق واليوم اليمن على الطريق، ومازالت محاولتهم مستمرة في البحرين، إنها الخطة الصفوية التي استطاعت أن تنفذ في وسط هذه الأمة حين غفلت عن دولها وعواصمها وشعبها، حتى تمكن الصفويون من التغلغل في هذه العواصم برضا الحكومات وعلى مرأى المسؤولين الذين حسبوا حسابتهم بالغلط.
وهنا نذكر المنامة وما طرأ عليها من تغير سكاني وعقاري، فأصبحت وما حولها من المناطق التي تقع على الشوارع الرئيسة بيدهم وهو ما يمكنهم من خنق المنامة بكل سهولة، فعلى ذلك الشارع خيام وخنادق وعلى الشارع الآخر تحكم الممرات والطرقات وتضع «المتارس» وتخرج المدافع من السراديب ومن تحت النخيل ومعها الصواريخ، فكل شيء موجود منذ الإثنين 23 أغسطس 2004 حيث انقطعت الكهرباء عن البحرين.
كل ذلك عدا السواحل التي رست عليها اللنجات وأنزلت حمولتها من أسلحة وذخيرة ومواد متفجرة وحرس ثوري يدرب ثم يغادر على نفسه السفينة ويرجع إلى مرفأه، وهو أمر لا شك فيه، فقد قال علي سلمان إنه إلى الآن لم يظهر شيئاً من قوته، نعم إنها قوته وقال إنه سيضطر أن يستخدم المنامة إذا لزم الأمر. أتدرون ماذا تعني المنامة؟ هي قلب البحرين، وها هي الخرائط والملاك وتداول العقارات من البديع إلى الدراز وجدحفص والحورة والقضيبية وسوق المنامة وما حولها، فكلها المنامة وإن كثرت الأسماء، كما إن ما يصل المنامة بالمحرق 3 جسور، وتعرفون الجسور فهي من حصى وإسمنت لا يوجد تحتها سفن أمنية ولا غواصات تراقب من يغوص فيها، ولا كاميرات ولا درابيل تراقبها رغم ما مر على البحرين من مؤامرات وما تم العثور عليه من متفجرات، ولولا ستر الله لصار ما صار.
وقد كانت صنعاء في يوم من الأيام كذلك، لكن الزحف الحوثي وما يملكه من موارد مالية وعسكرية استطاع أن يشتري مدناً حتى تمكن منها، ولولا هذا التمكن لما استطاع أن ينصب خيامه ويهدد بتجويع سكانها، وهو قادر على ذلك لأنه استطاع أن يسيطر على المنافذ والمناطق حولها، بالضبط كما يحصل للمنامة، بل كما حصل للمنامة.
وها هي خطبة علي سلمان في 28 يناير 2012: «أن نتواجد في العاصمة، مدينتنا وعاصمتنا ونحن شعبها ونتواجد فيها»، كما قال في نفس الخطبة متفاخراً بما يحدث في اليمن آنذاك: «اليوم انتهى لا يوجد إمكانية! لو ماذا تفعل يا علي صالح كفى انتهى الموضوع! اليمنيون بتواجدهم في الساحات، بوعيهم، انتهى! سوف يسقطون نظامك سوف يسقطونه، والبحرينيون سوف يحصلون على حقوقهم مهما فعلت الدوائر الخبيثـــة ...».
إنها الحالة المتشابهة بين اليمن وصنعاء وبين الحوثيين والوفاقيين في البحرين، فأولئك يخنقون صنعاء وينصبون حولها الخيام، واليوم علي سلمان متواجد في العاصمة، والتواجد هو التمكن منها تماماً كما فعل الحوثيون بالضبط، والأمر اليوم متروك للدولة إما أن تستعيد المنامة أو ننتظر نصب الخيام، لكن هذه المرة بأحكام.