قد يقول البعض إنه موضوع قديم تم طرحه وأعيد تكراره بين الفترة والأخرى، ألا وهو ما حدث في مؤسسات الدولة وشركاتها الوطنية الحيوية التي تمثل عصب الاقتصاد، وقد شاهد الجميع ما حدث في بعض المؤسسات والشركات ومنها شركة بابكو حين تركت المصانع تشتغل، ولولا ستر الله ثم جهود الشرفاء الذين ناموا على صبيات المصانع لحصلت كارثة ككارثة احتراق آبار النفط في الكويت، ولكننا مع الأسف ننسى ونعود إلى ما كنا عليه دائماً.
ها هي المملكة العربية السعودية في أغسطس 2012 تتعرض مؤسساتها الحيوية ومنها أرامكو إلى اختراق لشبكة الشركة، ممن؟ من بعض موظفيها والذي ينتمون أغلبيتهم إلى جهة معينة ومعهم لبناني، كما ذكرت التقارير، والذين قاموا باختراق شبكة شركة «أرامكو» المعلوماتية خلال إجازة العيد، والتي على أثرها قامت الشركة بفصل أكثر من سبعين شخصاً يحملون الجنسية السعودية واللبنانية، حيث ذكر أن هذا الهجوم هو مخطط إيراني.
وحسب ما ورد في التقارير أنه قام عدد من الموظفين بإعطاء الإيرانيين عنوان الموقع، وقد تم الاختراق في ساعات الدوام الرسمية، حيث تم عزل الأنظمة الإلكترونية للشركة بالكامل وإيقاف الدخول إليها من الخارج كإجراء احترازي مبكر تم اتخاذه مع بدء العطل الطارئ، ولكن تم السيطرة على الفيروس قبل أن يضرب قسم الإنتاج، الذي لو أصابه تصبح الشركة مشلولة كلياً عن إدارة إنتاجها.
وإن كانت اليوم الأمور هادئة والسماء الصافية والشمس ساطعة ولكنه يبقى فصل من فصول السنة وتأتي بعدها رياح تقشع النخيل وصواعق تكاد تذهب الأبصار، وقد يكون زلازلاً قد تتحول فيها دول إلى ركام وغبار، بالضبط مثلما حدث من كوارث سياسية في بعض الدول التي تحولت إلى ركام وغبار، ليس نتيجة زلزال بل نتيجة انقلابات أطاحت بأنظمة بعد أن وثقت أن مؤسساتها في يد أمينة وقواتها متينة، ألا أن حساباتها كانت غلط، وذلك عندما بدأ تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد التي يعتمد على اختراق المؤسسات التي أوكلت إلى تلك الأيدي الخبيثة التي تنفذ سهولة اختراقها وإسقاطها، حتى صارت هذه الدول من دول حضارات إلى دول أطلال وآثار وكله بسبب أن الأمانات قد أنيطت إلى غير أهلها.. نعم غير أهلها، وذلك عندما تكون هذه الجماعات التي تشرف على المؤسسات الحيوية يمكن شراء ذممها، ومنها من تقدم الخدمات مجانية ولاء للنظام الإيراني والذي يعيث فساداً وتدميراً في دول الخليج، وما حصل في البحرين والسعودية إلا مثالاً.
نحن اليوم قد نكون متفائلين ومشغولين نجهز لانتخابات قادمة، وكعادتنا يصبح شغلنا الشاغل المجالس والمآنس من مسؤولين ومواطنين التي محي من ذاكرتهم ما حدث في 2011، في الوقت الذي فيه جماعات وأطياف لا يهمها انتخابات سواء شاركت أو لم تشارك، فهي منكبة ليلاً ونهاراً لتنفيذ الخطط والدراسات، لأن ما تصبو وما تطمح إليه ليس كرسي برلمان، فهو بالنسبة لها تحصيل حاصل، فلو إرادته لحصلت عليه بكل سهولة وليونة، لأن الدعوة إليها مفتوحة وقبولها بالمشاركة سيكون موضع امتنان وتقدير، ولكن ما يهمها هو أكبر وهو أن تكون هذه المصانع والمحطات والاتصالات والمواصلات والشبكات المعلوماتية أن تكون جاهزة ساعة الصفر.
فلا تغرنا السماء الصافية والشمس الساطعة، فقد كانت تلك البلدان سماءها زرقاء تسر الناظرين وشمسها لطيفة وهوائها عليل، ولكنها اليوم صبغت سماءها بدخان ولهيب لا ينقطع ودماء تنسكب على أرضها التي كانت في يوم من الأيام يسير عليها الناس بأمان واطمئنان، بعد أن أحسنوا الظن في أن كل شيء على ما يرام، وهكذا تتبدل الأحوال، وتتغير أمامنا بسرعة وفجأة وبشيء لم يخطر على البال فمن يصدق أن ليبيا هكذا تنهار وبعدها سوريا التي أصبح حالها لم يخطر على بال أنس ولا جني حتى في الخيال، ولكن مع الأسف مازلنا، وبالذات في البحرين، التي مرت علينا كارثة لم نمر بمثلها قط، ولم نكن نتوقع أننا كنا سنخرج منها بسلام، ولكن الله لطف وقدر، ولكن يبقى السؤال؛ هل خرجنا بموعظة وخرجنا بتدبير يفشل الخطط التي أعيدت دراستها ومراجعتها وهي الآن قيد التنفيذ؟ وهل وضعنا احتياطات وضمان في المؤسسات الحيوية؟ وعندما نقول المؤسسات الحيوية لا نقصد بأن يعين رئيس تنفيذي أو مدير بل الطاقم المشغل والرؤوس المدبرة من مدير ورئيس ومراقب، إذ إن ما حدث في أرامكو حدث من موظفين في مختلف الدرجات بدءاً من المدير حتى الموظف العادي.
وكما ذكرنا قد يكون موضوع معاد ومكرر ولكنه مهم وحساس للغاية، لأن المؤمن لا ينبغي أن يلدغ من الجحر مرتين.