كما هو امتحان السياقة، إن فشلت في عبوره من أول مرة، هناك موعد «للتراي» الثاني، ترى الوفاق وعيسى قاسم في موعد الانتخابات القادمة «التراي الثاني» لهم للنجاح في امتحان القيادة الوطنية الشاملة.
ورغم أن القيادة مهارات وقدرات كثير منها وراثي، هي فن وعلم يدرس كذلك، إلا أنك كي تكون قائداً وطنياً في مجتمع متعدد الطوائف والملل كالبحرين تحتاج إلى أن تكون (سوبرهيرو) بطل خارق حتى تتمكن من قيادتهم، تحتاج لمهارات غير عادية وتحتاج لقدرات عالية على بناء وزرع الثقة، وجمع الأضداد، ومنذ عام 2000 إلى ما قبل 2011 فرشت الأرضية لهذا الامتحان لعيسى قاسم ولمجلسه، وأتيح للوفاق ولتوابعها وذيولها اليسارية كل الفرص والإمكانيات كي يكونوا هم تلك القيادات الوطنية البحرينية الشاملة التي تضم تحت جناحها أطياف المجتمع البحريني، ترك حراكهم دون مساس وتدخل من الدولة، فعملوا ما في إمكانهم فوق القانون وبالقانون، أسسوا الأحزاب والصحيفة وحصلوا على مقاعد نيابية وبلدية وترأسوا النقابات والمؤسسات المدنية، بمعنى ليست لديهم أية حجة أو عذر أو مبرر يلقون عليه أسباب فشلهم فمؤسسات المجتمع المدني كانت دونهم والصحافة دانت لهم وحضورهم كان مكثفاً في تلفزيون البحرين وتمتعوا بحقوقهم في التجمع وتسيير المسيرات ووو ولكن حين جاء وقت جني الثمار وامتحان مهاراتهم القيادية في جمع كل أطياف المجتمع خلفهم في ثورتهم ضد النظام عام 2011 سقطوا سقوطاً مدوياً خلال أيام معدودة بعد أن تبين خلال تلك الفترة الوجيزة الأجندة التي تقف وراء هذا الحراك، فلم يكن حراكهم إصلاحياً، كانوا باقين حتى يسقط النظام، حينها وقف أكثر من نصف المجتمع البحريني بعيداً عنهم وهتف ضدهم، أي أنهم فشلوا في امتحان القيادة الوطنية ونجحوا في امتحان القيادة الطائفية بامتياز والبديهي أن نجاحهم في الثاني هو الذي مهد لفشلهم في الأول.
ولا أدري حقيقة كيف سينجحون في «التراي» الثاني وليس لديهم سوى شهرين وقد زاد الثاني صعوبة وتعقيداً حيث تخلى عنهم مدربهم الأمريكي وشريكهم البريطاني والراعي الرسمي الإيراني فلديهم أولولياتهم ويسعون لتحسين علاقتهم بالمنطقة، ويقف التيار الشيرازي لهم بالمرصاد في البحرين ولندن وقم والعراق يتهددهم ويتوعدهم، وكلها مؤثرات سلبية تؤثرعلى القدرة على اتخاذ القرار السليم وحتى الآن تبدو محاولاتهم هزيلة جداً في جمع الشيعة المتفرقين عنهم من حولهم، فتحشيدهم يفشل مسيرة بعد مسيرة، والسباب والشتيمة والشماتة من التيار الرسالي بل من رفاقهم لم يعد مخفياً بل تجاوز حاجز الخوف وظهر على السطح فكيف وهم عاجزون عن لم الشيعة حولهم سينجحون في استقطاب السنة كذلك؟
خاصة محاولاتهم في استقطاب السنة تبدو أكثر هزالة حين يبحثون عن القواسم المشتركة فلا يجدون غير موضوع التجنيس، وحتى هذا فشل من يحركه لأن من يرسم لهم و يخطط لهم ويشور عليهم مازال يعيش معهم داخل الفقاعة بعيداً عن ما جرى وما يجري خارجها منذ 3 سنوات.
وقد جرت العادة أن يعيد الساقط في الامتحان استراتيجيته، يعيد النظر في أخطائه التي أدت لسقوطه في المرة الأولى تجنباً لتكرار الفشل، لكن خطب الجمعة لعيسى قاسم وخادمه وبيانات الجمعيات السياسية وحسابات التويتر الخاصة بـ«القيادات» أثبتت أن التكرار ليس بالضرورة يعلم البعض!
نراكم في «تراي» 2018 إن شاء الله ربما تكونون قد تعلمتم الدرس.