لم أفهم العلاقة التي تربط بين جمعية الوفاق باليمن، وما جرى ويجري فيها من أحداث وتطورات، ولكني قرأت كغيري التهنئة التي أشاد فيها أمين عام الوفاق بما تضمنه خطاب زعيم جماعة أنصار الله اليمنية عبدالملك الحوثي الثلاثاء الماضي، وكلامه الذي أكد فيه على «تمسك اليمن بعلاقات إيجابية مع جيرانه العرب»، وأكد أن «يده ممدودة لغريمه السياسي حزب الإصلاح». فقد جاء في الخبر الذي اهتمت بنشره وسائل إعلام الوفاق في الداخل والخارج أن أمينها العام قال في حسابه بتويتر «قديماً قيل إن الحكمة يمنية وهذا اليوم سمعنا خطاباً مصداقاً لهذا»، و»خطاب عبد الملك الحوثي اليوم يكشف عن شخصية سياسية مسؤولة فقد تضمن خطابه رسائل إيجابية للداخل والخارج من المناسب البناء عليها» .
الشيء الوحيد الذي يمكن استنتاجه من تلك التهنئة الحارة والمعبرة عن فرح غريب هو استغلال الحدث لـ «ضرب نغزة» للداخل ملخصها أن «شوفوا اليمنيين أصحاب الحكمة حلوا مشكلاتهم العويصة وأنهم في طريقهم إلى بناء دولة حديثة تحقق العدالة لكل أبناء اليمن، وأن اليمن سيكون عنصر استقرار في الإقليم والمنطقة». ربما ليس ملائماً التذكير بأن التهنئة للحوثيين وأن الحوثيين مدعومون من إيران وأن إيران تحتضن من تحتضن من منظمات سياسية هنا وهناك.
في السياق نفسه هنّأ ما يسمى بـ «ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير» الشعب اليمنيّ على ما «حقّقه من إنجازٍ سياسيّ وميدانيّ»، معتبراً أنه «تحقّق بفضل الإرادة الشعبيّة الواعية والصادقة ومن خلال ما أبدته من مقاومة شجاعة وصمود بطوليّ أمام المخطّطات الخارجيّة التي كانت تريد إذلال الشعب اليمنيّ ونهب خيراته وثرواته لصالح القوى الاستكباريّة»، مضيفاً أن «إرادة الشعب اليمنيّ انتصرت وهزمت القوى المُعادية، وكذلك المخطّطات الطائفيّة البغيضة»، ومعبّرًا عن «أمله في تحقيق الشعب اليمنيّ كلّ أهدافه المشروعة، في ظلّ مقاومةٍ مستمرّة وصمودٍ متواصل». ولم ينس البيان أن يشدد «على أنّ الحقوق الطبيعيّة للشعب اليمنيّ يجب أن تتضمّن التوافقات السياسيّة مع ضمانتها الرصينة».
رفع الوفاق التهنئة لليمن أمر مثير، ولكن رفع الائتلاف تهنئة مماثلة لليمن فيه إثارة أكبر، «شسالفة؟»، الله أعلم، لكن بالتأكيد لا أحد يتمنى أن يحدث في البحرين ما حدث في اليمن من تعقيدات لن تنتهي بهذه البساطة التي تصوروها ولا ما يحتويه هذا البلد من كميات من الأسلحة تنطق بدلاً عن أهله في كل ساعة وحين.
يتمنى المرء أن تكون التهنئة مجرد تهنئة عادية جاءت بسبب تعاطف مع بلد شقيق يحتاج من يتعاطف معه ويشد من أزره وليس وراء ذلك وراء لا نعرف تفاصيله.
في كل الأحوال يمكن استيعاب فكرة أن تهنئ الوفاق اليمن أو غيره بطريقة أو بأخرى، وأن تشيد بتصرف هنا أو تصرف هناك، فهي في النهاية جمعية سياسية مرخصة أي تعمل ضمن القانون، ولو أن ترخيصها هو لممارسة نشاط سياسي محلي وهي ليست دولة، ولكن كيف يمكن استيعاب فكرة أن يقوم ما يسمى بـ «ائتلاف فبراير» بتهنئة اليمن وأن يعبر عن رأي وموقف فـ «يشدد على أن تتضمّن التوافقات السياسيّة مع ضمانتها الرصينة»؟!
ما لم ينتبه له المهنئون بما حققه الحوثيون في اليمن هو أن المتابعين والمحللين سيربطون بين هذه التهنئة من قبل الوفاق و»الائتلاف» وبين تهنئتهما قبل حين بشفاء علي خامنئي وسيتساءلون عن العلاقة الحميمة التي تربط بين هذين «الحزبين» وإيران وما يعنيها في اليمن، وكذلك العراق الذي حصل رئيس وزرائه السابق على إشادة كبيرة من أمين عام الوفاق عندما أزيح من منصبه واعتبره وطنياً ومضحياً من أجل شعب العراق ومستقبله.
مجرد تساؤلات ربما تطوع أحد لتوفير إجابات مقنعة عنها.