عندما يذهب التاجر أو المقاول البحريني لاستصدار رخصة عمل قانونية «فيزا» لعمال أجانب من أصحاب المهن المختلفة ومن دول مختلفة، من أجل تطوير المشاريع الوطنية الصغيرة والكبيرة، وتطوير البناء والنهضة العمرانية بمختلف أشكالها في البحرين، كانت تضع له الجهات المعنية بهذا الشأن «وزارة العمل سابقاً» مجموعة من الاشتراطات والعقابات، وتلزمه بتوظيف بحرينيين، وتغيير عناوين عملهم لجهة عمل صاحب الطلب، مما يضطر الكثير من هؤلاء للتحايل على القانون، وتوظيف البحريني على الورق فقط من أجل الحصول على عامل أو ثلاثة من العمال في ورشته الصغيرة!
صادفني أحد الإخوة الخليجيين في أحد أهم شوارع البحرين الحيوية، ألا وهو شارع الجفير الذي يعج بالوافدين من الضيوف ومن السياح الأجانب، والذي يعتبر كذلك من أهم واجهات البلد، حيث أبدى الضيف الخليجي اندهاشه وانزعاجه من العمالة السائبة في ذلك الشارع، وكيف يقومون بملاحقة الخليجيين لأجل إجبارهم على غسيل سياراتهم بطريقة غير حضارية، أو ابتزازهم عبر بعض السلوكيات المنفرة، ثم سألني؛ أين الدولة عن مراقبة هؤلاء السائبة؟!
آسيويون من جماعة «فري فيزا» يجلسون في مختلف المدن والشوارع في البحرين من دون عمل، والكثير منهم يتواجدون في المنامة والمحرق والرفاع، وبعضهم يحملون أكياس قمامة خلف ظهورهم، يتنقلون من حاوية قمامة إلى أخرى لجمع علب المشروبات الغازية لبيعها، أو لالتقاط أي شيء يمكن أن يكون ذا ثمن، بينما هناك الآلاف منهم يركضون خلف السيارات في سبيل الحصول على موافقة صاحبها ولو بالتمسكن لأجل غسلها!
نحن نسأل وزارة العمل سابقاً، وهيئة تنظيم سوق العمل حالياً، ومن حقنا الطبيعي أن نسأل، كيف دخل كل هؤلاء العمالة، والذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف إلى البحرين بطريقة مخالفة؟ ومن الذي أدخلهم؟ وبأية رخصة عمل دخلوا البلاد؟ ولمن يتبع هؤلاء العمالة؟ كذلك نتساءل، أيهما أفضل وأمن لوضع البحرين، أن يدخل عامل بطريقة قانونية للعمل في ورشة نجارة، أم أن يدخل علينا عشرات الآلاف بطريقة غير قانونية عن طريق أحد المتنفذين؟
هناك عشرات المخاطر والسلبيات من دخول عمالة غير قانونية إلى البحرين، فهؤلاء يشكلون تهديداً للأمن والأمن الاجتماعي تحديداً، كما إنهم يشكلون عقبة قوية في طريق أصحاب الأعمال من البحرينيين الذين يعلون وفق القانون، إضافة لكل هذه المخاطر، هناك مؤاخذات دولية ربما تحسب ضد الدولة، حين يقوم بعض من الهوامير باستغلال نفوذهم وجلبهم الآلاف من العمالة ليطلقونهم في شوارع البحرين، ليكون ذلك عنواناً صريحاً وخطيراً لموضوع أكبر، ألا وهو «الاتجار بالبشر»، وهذا يؤدي بدوره أن تدخل الدولة في دوامة الإحراج الدولي والإنساني، بينما هي غنية عن مثل هكذا قضايا محرجة جداً.
على هيئة تنظيم سوق العمل أن تقوم من الآن وصاعداً بتطبيق القانون على الجميع بصورة صارمة، وأن لا يكون هنالك أحد فوق القانون، كما يجب ومن الآن كذلك أن تعالج الهيئة ما تبقى من عمالة سائبة منتشرة في طول البلاد وعرضها، خصوصاً وأنهم ليسوا رقماً ضئيلاً كما يظن البعض، فمشكلة العمالة السائبة أصبحت من أخطر القضايا التي تشكل تهديداً لأمن البحرين وأمنه الاجتماعي، وكذلك تعتبر تهديداً صارخاً لسمعتها ومكانتها بين الدول، فهل من رجل رشيد يوقف مهزلة هذه الفوضى التي لو استمرت أكثر مما هي عليه اليوم، فإنها ستشوه سمعة الوطن وتضر المواطنين وكل شرائح المجتمع؟
هذه ليست المرة الأولى التي نكتب عن هذه المشكلة الكبيرة هنا، وكذلك لن تكون الأخيرة.