كالعادة الجمعيات الانقلابية لا «تحسبها صح»، فتقلب الأمور على رأسها وتخسر من كان في يوم من الأيام مصدقاً لهم ويريد أن يقف معهم.
فــي الفتـــرة الماضيــــة كانــــت الجمعيـــات تستقــــوي بالغــــرب وتتحدث عن الديمقراطية أمامهم وحقوق الإنسان وكل الأمور التي تعزف على نفس الوتر الذي يتفاعل معه الغرب، لكن اليوم حينما يناقضون أنفسهم فمــن الطبيعـي جـداً أن يستغــرب الغــرب ويكون موقفه مغايراً.
في المجتمعات الغربية المتقدمة ديمقراطياً لا يمكن لأي فصيل مهما كان تصنيفه سواء معارضة أو غيرها أن يطعن في العملية الانتخابية، أن يسقط من البرلمان، أو أن يصل لمرحلة يمارس فيها حراكاً انقلابياً.
هناك حتى المعارضة تدخل البرلمان وتعمل بداخلها، ولا تقوم بالعكس، بحيث تتمنع وتقـــوم بالتشــرط أن «فصلوا» البرلمـــان سواء عبر دوائره أو تشريعاته حسب مزاجنا ووفق ما يخدم مصالحنا.
هنا الفارق الصريح بين الحالتين، والغرب ليس ساذجاً حتى تنطلي عليه الأكاذيب والخدع لمدة طويلة، هو قد يتعاطف مع قضايا بالنسبة إليه تمثل أموراً هامة كحقوق الإنسان والمساواة والعدالة ومحاربــة الفساد، لكنه أيضاً يحرص علـــى حقوق الأقليات وعلى الحريات المدنية وعلى نبذ الإرهاب والعنف والتحريض.
الآن تابعوا التناقض في المواقف، الوفاق وأذيالها حينما تصدر أيـة مؤشــرات ســواء من الولايات المتحدة أو أية دولة غربية تتسق مع ما يريدون، ويرون فيها دعماً لتوجهاتهم، يتم تحويل باراك أوباما –مثلاً- إلى منزلة تقارب منزلة المرشد الإيراني، وكذلك بالنسبة لدول الغرب والاتحاد الأوروبي ومؤسسات المجتمع المدني، إن قالت شيئاً ترى الوفاق فيه تدعيماً لهم «تحلف» باسمهم وتعتبر ما يقولونه «قرآناً منزلاً»!
لكن المفارقة حينما تأتي هذه الجهات لتتكلم بلغة ومضمون يناقض توجهات الوفاق وأذيالها، تتحول بقدرة قادر إلى النقيض تماماً، تصبح الولايات المتحدة «عميلــة» وتشتغــــل أسطوانــــة شتمهـــا بالطريقة الإيرانية بوصفها «الشيطان الأكبر». تتحول بريطانيا التي تؤوي المحرضين وتوفر لهم غطاء اللجوء إلى دولة «متواطئة» وداعمة لنظام البحرين، وطبعاً يتحول الاتحاد الأوروبي بأعضائه إلى زمرة من المنتفعين والمستفيدين من النظام!
دول الاتحاد الأوروبي نفسها التي كانت الوفاق تهلل وتكبر وترقص على بعض بيانات اجتماعاتها بشأن الأوضاع في البحرين، هذه الدول أصدرت بياناً تدعو فيه الوفاق ومن معها من أتباع للمشاركة في الانتخابات، ولأن الدعوة تأتي على عكس ما تشتهيه الوفاق أو بالأصح من تأتمر بأمره، جاء الرد على الاتحاد الأوروبي بوصف دوله التي أصدرت البيان على أنها دول «تتعامى عن الحقيقة»!
أليست هذه الدول التي كنتم تهللون لها وتشدون الرحال لها على مدار العام، الآن تحولت لدول «عمياء» عن قضيتكم؟! إذا كان كذلك، فقد «ضاعت فلوسك يا صابر»، وذهب سعيكم وسفركم هباء.
لا تكتفي الوفاق التي سعت في الآونة الأخيرة لاستجداء النظام عبر مراسليها ووسطائها وفي الاجتماعات غير المعلنة بشأن التحصل على شيء لتصوره على أنه مكسب، لا تكتفي بالمكابرة اليوم بل تمضي لاستمرار التطاول على رموز الحكم وبث مزيد من الكراهية والتحريض في نفوس الناس. وفي الوقت الذي تقول فيه إنها على استعداد لمراجعة موقفها وفق شروط محددة، هي تدعو الناس لتصفير صناديق الاقتراع بعدم التوجه لها، وهذا الذي لن يحصل خاصة مع ما تمت ملاحظته خلال الأيام الماضية من تقدم الكثيرين للترشح للانتخابات وتفاعل الناس سواء إيجابياً أو سلبياً مع ذلك في ظل وجود قناعة بأن التصويت حق دستوري لكل مواطن وواجب وطني مادام أن الوفاق أعلنت نفسها في موقع الضد للبرلمان الذي كانت في يوم من الأيام عضواً فيه.
دعوة «التصفير» بحد ذاتها مؤشر صريح للغرب ولكثير من الأطراف التي وقفت مع الوفاق، إذ الادعاء الكاذب بسعيهم لتعزيز الديمقراطية وتمثيل الشعب يسقط فوراً مع هذه الدعوة، إذ يتضح بأن الوفاق أصلاً ضد دولة البحرين كنظام ومكونات تختلف معها، فرغم وجود انتخابات هي لا تدخل بل تحكم عليها بعدم الشرعية، وكأن صكوك الشرعية باتت تملكها جمعية طائفية التركيب وذات ولاء واضح مصدره تماماً.
يدعون مطالبتهم بالديمقراطية ويحاربون كل صور الديمقراطية في تناقض صارخ. بالتالي من يصدق أن هؤلاء هدفهم الديمقراطية والعدالة والمساواة عليه مراجعة نفسه، إذ من يدعي أن حراكه لصالح البلد والشعب لا يجلس ليبتز الدولة بأن تفعل له ما يريد وبالشكل الذي يريد وإلا فإنه يحرق الأبيض واليابس.
اليوم هم يشتمون من كانوا يهتفون لهم من جهات غربية، فقط لأنهم طالبوه بإثبات مصداقيتهم فيما يدعونه من خلال المشاركة في الانتخابات.
الوفاق احترقت أوراقها بالكامل، بالتالي ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها، وما نعنيه أن مكابرتهم بشأن مقاطعة الانتخابات في الوقت الذي يحسب فيه أعضاؤه ويعلنونها بكل صراحة حظوظهم في الدوائر، ما هي إلا مسألة مضحكة على حال وصلوا إليه وما هو إلا صناعة أيديهم.