مرت علينا عديد من المراحل في هذا البلد، وفي كل مرحلة تكشف الوفاق فيها عن وجه من وجوهها القبيحة، في كل مرة تسقط سقطة مدوية، وهذا أمر طبيعي، لأن «المدعين» ومن يوهمون الناس بالكذب ومن يرتدون «رداء الحمل الوديع» تأتي عليهم لحظات يتجلون فيها ويقومون بأفعال وتصدر عنهم أقوال تكشف حقيقتهم وتفضح مكنوناتهم على الملأ.
ألا تتذكرون استماتتهم في نفي ارتباطهم بإيران وحزب الله قبل عقد من الزمان؟! كاريكاتير واحد للفنان خالد الهاشمي في صحيفة الأيام معني به خامنائي إيران جعلهم يرفعون شعارات حزب الله وأعلامه وصور المرشد الإيراني ويتجهون للصحيفة ويهددون العاملين فيها ورئيس تحريرها. حينها سقط القناع سقوطاً مدوياً.
لا تذهبوا بعيداً، ارجعوا لمحاولة الانقلاب، ألم يخطئ علي سلمان نفسه وخرج عن «حالته الظاهرية» التي يدعي فيها الهدوء والعقلانية والروية ليقول معلقاً على انتقال قوات درع الجزيرة إلى البحرين (الانتقال الذي حرق قلبه وحلمه) ليقول بأنهم سيطلبون تدخل إيران؟!
تذكروا برنامج الاتجاه المعاكس وكيف «تلعثم» خليل مرزوق وتصبب عرقاً حينما سأله فيصل القاسم سؤالاً في مقتل عن إيمانه بالولي الفقيه. بان الكذب واضحاً على وجهه وعبر لسانه.
هي سقطات مدوية، في كل مرة تكشف ورقة من أوراق التوت عن حقيقة الوفاق.
جمعية تدار بإرادة رجل واحد فقط، يأخذ أمره ويعتمد في موقعه وتعميده وصفته على رأس النظام الإيراني، ومع ذلك يدعون بكل كذب وبلا خجل أنهم دعاة ديمقراطية وأنهم مقاتلون عن حرية الرأي والتعبير، وأنهم هم من سيمنحون الناس فرصة التحرر من أي قيد كان. والله كذب صراح وبوجوه ليس فيها ماء.
ما حصل أمس الأول «سقطة مدوية» لها صدى كبير ليس في أوساط البحرينيين فقط، بل بين الأوساط الغربية التي مازالت تعول الوفاق على بعضها. ما حصل إرهاب وتهديد ووعيد ظاهر، وإن كانت أفاعيل شبيهة له حصلت في انتخابات 2002 وحتى فيما تلاها من انتخابات، لكنها اليوم كان لها توثيق واضح عبر ما كتبوه في حساباتهم ومواقعهم.
الوفاق تقول إنها ستقاطع. طيب، قولوها مرة وانتهى الأمر، لكن أن يتم تكرار اللفظ في اليوم الواحد عشرات المرات، هذا لا يعني إلا شيئاً واحداً، بأنها -أي الوفاق- ستموت من أجل المشاركة، ولولا خوفها من شارعها لشاركت دون أن يطرف لها رمش.
طيب، يا جمعية يا مدعية الديمقراطية، لماذا التهديد والوعيد لأعضاء منها قرروا عبر إرادة حرة غير مسلوبة أن يشاركوا في الانتخابات؟! ألستم أنتم من تقولون بأنكم ستمنحون الناس الحرية؟! بالتالي أين حرية من يتبعكم؟! أليس لهم الحق في اتخاذ موقف أو التمثل برأي لا يمليه عليهم خادم الولي الفقيه؟!
تغريدات علي سلمان والديهي بحد ذاتها إثبات للجميع في الداخل أو الغرب بأن هذه الجمعية تتأصل فيها الديكتاتورية حتى النخاع، وهذا ما كنا نقوله سابقاً. يشاركون بأمر رجل واحد، يقاطعون بأمر رجل واحد، ويرشحون أياً كان بأمر رجل واحد. وعليه شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الناس آخر ما تتكلم فيه الوفاق. يا وجه استح.
مثلما أعلنوا وقت الانقلاب بكل قبح أنهم يمثلون كل شيعة البحرين، بل كل الشعب، وكثير من الشيعة ومعهم الشعب المخلص منهم براء، هم اليوم يمارسون الإرهاب والتهديد والوعيد، سواء أكان ظاهراً كما حصل أمس الأول حينما أحرجهم عضوهم المترشح للبرلمان، أو عبر جمهور الغوغاء والفوضى والإرهاب الذي بات همه اليوم استهداف أي مواطن شيعي المذهب لو أعلن مشاركته في الانتخابات، بالتالي أين حقوق الإنسان من أفاعيلهم وسلوكيات الترهيب وممارسات الحجر على حريات الناس؟!
قلنا بالأمس إنهم يريدون المشاركة، وإنهم حتى مساء الأمس يفكرون ملياً في كيفية التخلص من المأزق، خاصة مع ضغط الغرب عليهم هذه المرة. ووسط ذلك أنباء تفيد بأنهم ومع ما يتبعهم من جمعيات الذيل أقحموا وجوهاً تدعي الاستقلالية لكنها تابعة لهم كما حاولوا فعله في الانتخابات التكميلية.
هنا السؤال يطرح نفسه؛ إن كنتم مقاطعين للانتخابات، فلم اللف والدوران ومحاولة الدخول عبر الأبواب الخلفية عبر ممثلين وأتباع يدينون لكم بالولاء والطاعة؟! الإجابة تكمن في أن الوفاق لا تريد التخلي عن البرلمان، ولا يمكن أن تفكر بترك الساحة هكذا لمن تراهم أضداداً لها، بالتالي هي عملية صناعة «دمى متحركة» تطبق ما تؤمر به. وإلا كيف يفسر دخول عناصر رفعت الوفاق من شأنها واعتبرتها منها وفيها وبعضها اعتبر صدره لصيقاً بصدر علي سلمان، كيف تقبل الوفاق بدخولهم وتقربهم منها وتجعل جمهورها يهتف لهم، في حين نكلت بعضو فيها وهددته بسحب عضويته وعضوية أي شخص يفكر في الترشح؟! أليس في ذلك تناقض مضحك؟!
لا أدري حتى كتابة هذه السطور نتيجة إغلاق باب الترشح في التاسعة مساء، وهل دخلت الوفاق بوجه ظاهر أو عبر وجوه «تنكرية»، رغم أنه طوال الأمس هناك «حيص وبيص» في صفوفها، هناك قلق من أنها ستفوت الفرصة الأخيرة، وأن محاولة جر البلد لحوار جديد أمر لن يتحقق، وأن الدولة لن تسكت بعد الآن على محاولة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد، لكن مربط الفرس يكمن هنا في أن الوفاق مدعية البطولة هي الخاسر الأكبر في جميع الحالات، خسرت كل شيء، حتى شارعها بات يتفلت منها بسبب ديكتاتوريتها التي طلت بوجهها القبيح، وخسرت فتح خطوط جديدة مع الدولة، وخسرت الكثير من تعاطف بعض الجهات الغربية.
أربعة أعوام من «العزلة» عيشوها مجدداً، فالحراك الذي تتمنونه تحت قبة البرلمان عبر «دمى متحركة» لن يجدي نفعاً، فأنتم أعلم منا بأصول الحرب، فهي لا تدار ولا تنفذ في أساسها عبر وجوه «احتياطية»، بل تدار من قبل الوجوه الأصلية والمحركات الحقيقية. لكن طالما أنتم خائفون من الظهور بوجوهكم الحقيقية، فالشارع هو مكانكم كما تفضلونه، لكن على الدولة أن تذكركم بالقانون أنه حتى الشوارع شوارع مملكة البحرين لا طهران.
- اتجاه معاكس..
مضحك ذلك النائب الذي شارك في الانتخابات التكميلية واستخدمته الوفاق كـ«دمية» هو وزميله للتطاول مراراً على سمو رئيس الوزراء وللانتقاص من المشروع الإصلاحي ولإثارة البلبلة في المجلس.
المضحك في المسألة أنه حينما نسترجع تصريحاته لما كان نائباً «تكميلياً» كان يقول بأن البرلمان ناقص وأنه برلمان الحكومة وأنه لا يملك القدرة على تحريك شيء وأنه برلمان عاجز، والآن هو يعاود تقديم أوراق ترشيحه!!
هل تغير وضع البرلمان الآن، أم أنها أوامر تصدر فتطيع، أم أن اللعاب يسيل لمزايا المجلس؟!
وصدق من قال: الرجال مواقف!