قيل إن الثورات التي شهدتها بعض البلدان العربية منذ نهاية 2010 هي ثورات شبابية، وحراكات قادها الشباب. وفي البحرين التي شهدت احتجاجات سياسية عنيفة وطائفية فاشلة كان الجمهور هم الشباب، ولاحقاً في مرحلة ما بعد الاحتجاجات العنيفة تورط في أعمال الإرهاب الشباب الذين غرر بهم دينياً وسياسياً ومادياً من قبل أطراف عدة.
ونعرف جيداً أن مجتمع البحرين مجتمع شاب للغاية، فهل هناك حراك دائر بين أوساط الشباب ظهر قبل أيام بوضوح خلال فترة التسجيل للانتخابات النيابية والبلدية؟
النخب التقليدية النافذة داخل النظام السياسي البحريني لم تتجدد كلية بعد نحو عقد من بدء التحول الديمقراطي لاعتبارات عديدة، ولذلك ثمة شعور بين أوساط الشباب أن الفرصة مازالت غير متاحة للمشاركة السياسية في ظل رغبة شديدة بالانخراط في الشأن العام والبحث عن فرصة داخل المجتمع، ولا يقصد هنا بالفرصة الوظيفية أو المعيشية أو حتى الاقتصادية؛ بل الفرصة للقيام بدور ما داخل النظام السياسي، وبالمساهمة في عملية صنع القرار من خلال مؤسسات القطاعين العام والخاص.
تحليل المترشحين للانتخابات النيابية يكشف حجم الشغف والاهتمام الكبير لدى فئة الشباب بالدخول في العملية السياسية والمشاركة في أعمال الرقابة والتشريع على السلطة التنفيذية، فلأول مرة يرتفع عدد المترشحين الشباب إلى الثلث، وتحديداً نسبة 30% من مترشحي الانتخابات النيابية من فئة الشباب.
هي بالفعل ظاهرة تستحق الدراسة، لأنها تعكس الحراك الدائر بين سكان البحرين ديمغرافياً وسياسياً. ففي ظل النمو الديمغرافي، هناك حاجات لاستيعاب هذا النمو عبر آليات وقنوات عدة في الشأن العام ومزيد من المشاركـــة السياسيــة، فلا ينبغــي الاكتفـــاء باستيعاب الشباب في سوق العمل وتوفير الخدمات لهم، بل لابد من استيعابهم سياسياً لدرجة التمكين السياسي كما هو الاهتمام القائم بتمكين المرأة منذ عدة أعوام.
هذا العام تدخل شريحة واسعة من المواطنين الشباب في الكتلة الانتخابية، وهؤلاء معظمهم من مواليد الفترة ما بين العام 1990 ـ 1994، وأصغر المترشحين من الممكن أن يكون من مواليد العام 1984 فما يليه. ونسبة 30% هم الشباب من إجمالي المترشحين من الممكن أن يحدثوا فرقاً وتبايناً في الأداء -وإن كانت مشاركتهم قد تكون دون طموح المجتمع- ولكن تمكين هذه الفئة يساعد على تعزيز الشعور بالانتماء، وتجديد النخب في إطار الحراك السياسي الذي يمكن أن يشهده أي نظام سياسي.