أكثر من مترشح يقع ضحية الإرهاب الانتخابي منذ انتهاء فترة تسجيل المترشحين، ويطال الإرهاب شخصه وعائلته وممتلكاته وحتى جيرانه. فماذا يعني هذا الإرهاب؟
الإرهاب الانتخابي في البحرين بدأ من العام 2006 عندما تعرّضت بعض مقار المترشحين لأعمال إرهاب عشوائية، قيل حينها أنها من بعض المترشحين المنافسين، وهناك من فسّرها بأنها «أعمال صبيانية»! وبعدها تطور تدريجياً بشكل سريع ليتسهدف الأمن الشخصي للمترشحين وممتلكاتهم كما نشهده اليوم. لا ينبغي التساهل بالإرهاب الانتخابي، فالإرهاب يبقى إرهاباً وإن تعددت صوره وأشكاله وحتى ظروفه، ولا توجد مبررات له أبداً.
هناك خلط كبير بين مفهومي الإرهاب الانتخابي والعنف السياسي رغم أنهما مفهومان متداخلان كثيراً، فالأول يعكس حالة من الرفض المفرط لواقع لنشاط سياسي معين (الانتخابات في هذه الحالة)، وبالتالي يدفع هذا الرفض الأفراد المقتنعين بالموقف السياسي إلى القيام بسلوك فيه درجة عالية من الإكراه على الآخرين المختلفين معهم سياسياً بهدف إجبارهم على تغيير مواقفهم السياسية بشكل فوري. في حين يعد العنف السياسي النشاط الأشمل لحالة متقدمة من الاحتجاج السياسي يصل إلى درجة الإجرام الذي يحرمه القانون ويعاقب عليه.
الإرهاب الانتخابي درجات، يبدأ من الإرهاب اللفظي كما هو الحال بالنسبة لتشويه السمعة، والإكراه لتغيير القناعات السياسية ومن ثم السلوك السياسي، ومثال ذلك إجبار بعض المترشحين على التنازل عن ترشحهم للانتخابات مثل ما حدث مع بعض المترشحين مؤخراً.
وتتنوع درجات الإرهاب الانتخابي لتشمل إقناع محيط المترشح بضرورة مقاطعته وعزله اجتماعياً وسياسياً ودينياً وحتى اقتصادياً. وتصل أقصى درجاته إلى القيام بأعمال عدوانية عنيفة ضد المترشح نفسه وعائلته وممتلكاته الشخصية.
أما بالنسبة لأنواع الإرهاب الانتخابي؛ فهناك نوع يستهدف الأفراد، وآخر يستهدف الجمعيات السياسية، ونوع ثالث يستهدف المجتمع. والبحرين شهدت الأنواع الثلاثة مجتمعة، فالأفراد تعرضوا لنوعين من الإرهاب الانتخابي، الأول يقوم على استهداف المترشحين وممتلكاتهم، والثاني يقوم على استهداف جمهور الناخبين وتحريضهم على المعارضة والرفض السياسي للمشاركة في العملية السياسية من أجل إفشالها وإسقاط الشرعية عنها.
والإرهــــاب الذي يستهــــدف الجمعيات السياسية يعتمد على تشويه السمعة، وحتى الاعتداء على ممتلكات هذه المنظمات وأفرادها. وبالنسبة للنوع الثالث فإنه يستهدف المجتمع بتدمير وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة من أجل تعطيل المصالح وحرمان المواطنين والمقيمين من الاستفادة من الخدمات العامة ومشاريع البنية التحتية، مثل قطع الكابيلات الكهربائية، وقطع وحرق الشوارع والطرقات، وكذلك المنشآت الحكومية والخاصة.
مجمل ظاهرة الإرهاب الانتخابي تقوم على الرفض السياسي لنشاط عام، وهي تعكس لنا حالة متقدمة من التطرف الفكري الذي انتشر بين الأفراد، وخاصة الأطفال والشباب الذين تعرضوا لتعبئة سياسية معينة من خلال المنابر الدينية ووسائل الإعلام غير التقليدية.
وبالتالي من يعتقد أن الإرهاب الانتخابي يعد وسيلة لإفشال الاستحقاق الانتخابي المقبل فإنه واهم، لأن الخاسر الأول والأخير من يتورط في التحريض وممارسة هذا النوع من الإرهاب.