استمرار انحباس المخربين في العقلية التي صارت تحكمهم نتيجته المنطقية استمرار أعمال العنف والتخريب والاعتداءات على المترشحين للانتخابات النيابية والبلدية بهدف ترهيبهم ومحاولة ثنيهم عن قرارهم الوطني المتمثل في المشاركة بفاعلية في الاستحقاق الانتخابي، وليس مستبعداً أن تمتد عمليات حرق السيارات والممتلكات الخاصة إلى الداعين إلى المشاركة في الانتخابات والناخبين.
إن كان أولئك المخربون يعتقدون أن ما يقومون به سيثني الوطنيين الحقيقيين عن قرارهم ويخافون انسحابهم من الترشح فهم مخطئون، وإن كانوا يعتقدون أن هذا العمل هو من عمل الرجال فهم مخطئون أيضا، حيث الطعن من الخلف ليس من أخلاق الرجال ولكنه من فعل الجبناء.
ليس بهكذا أفعال يمكن لـ «المعارضة» أو المحسوبين عليها أو الذين يستغلون اسمها بشكل أو بآخر أن تحقق انتصاراً، فلا انتصار بحرق سيارة أو بيت تعود ملكيته لمواطن قرر أن يعبر عن حبه لوطنه ويتقدم للمشاركة في الانتخابات بإرادته، ولا انتصار بالاعتداء على الممتلكات العامة.
ما يقوم به أولئك ليس إلا تعبيراً عن تخلف وعن عقلية مريضة لا تقبل الآخر ولا تقبل إلا ما تعتقده هي أنه صحيح، وإلا فالمسألة في غاية البساطة؛ حيث من حقك كمواطن ألا تشارك في الانتخابات بالترشح أو الانتخاب، ولكن ليس من حقك أن تحرض الآخرين على عدم المشاركة، ثم عندما لا تجد من يستمع إليك ويطيعك تشن عليه حرباً فتحرق الممتلكات العامة والخاصة. هذا أمر غير مقبول خصوصاً وأن هؤلاء أنفسهم يدعون إلى الحريات وإلى الديمقراطية وإلى تعبير كل مواطن عن رأيه بالطرق التي يكفلها القانون.
هذا التناقض الذي تعيشه «المعارضة» يفضحها ويبين أنها ترفع شعارات لا قيمة لها، فمن يرفع شعار الديمقراطية عليه أن يكون ديمقراطياً فيقبل من الآخر الذي إنما يمارس حقه في المشاركة في الانتخابات، ومن يرفع شعار حقوق الإنسان عليه أن يعلم أن الآخر وليس هو فقط من له حقوق وعليه أن يحميها.
الجواب الأكيد الذي يصدر عن «المعارضة» المتمثلة في الجمعيات السياسية المرخصة في مثل هذه الظروف هو أنها ضد العنف وأنها تدعو إلى نبذه وأنها أصدرت بياناً يعبر عنها وتدعو فيه إلى كل ذلك. أما جواب هذا الجواب فهو أن «المعارضة» تظل المتهم رقم واحد في مثل هذه الظروف، خصوصاً أنها لم تكتف بالإعلان عن عدم المشاركة في الانتخابات ولكن دعت إلى مقاطعتها وظلت تحرض عليها وتهدد من يشارك فيها بالويل والثبور.
من الطبيعي أيضاً أن تقول «المعارضة» إن هناك من يستغل مثل هذه الظروف ليلصق بها الاتهامات، والرد عليها هو بدعوتها إلى الابتعاد عن المساحة التي تعرضها للشك فيها، فليس منطقاً أن تدعو إلى مقاطعة الانتخابات وتحرض على المقاطعة وتهدد من يتجرأ بالمشاركة فيها بالترشح أو الانتخاب ثم تقول إنها براء مما يحدث من أعمال عنف وتخريب تستهدف المترشحين وقد تطال الناخبين بعد قليل.
أعداد السيارات والمحلات والبيوت التي تتعرض للحريق في ازدياد، وليس معقولاً أن الحكومة أو جهات محسوبة عليها تقوم بهذه الأفعال لأنها ببساطة ليست في صالحها، حيث تكرار الاعتدءات يمكن تصويره على أنها تعاني من ضعف وأنها دون القدرة على ضبط الأمور وأن الأمن في البلاد فالت، إلا إن كانت تحب المغامرة وتجريب ما نتائجه معروفة.
حل المشكلة البحرينية ليس في اللجوء إلى العنف والتخريب وليس في مقاطعة الانتخابات، فهذا كله ليس في صالح «المعارضة» ولا يمكن أن تكسب منه شيئا. وإفلات «المعارضة» من دائرة الاتهام لا يكون بإصدار البيانات ومحاولة النأي بنفسها عن الذي يحدث. الحل معروف والطريق إليه سالكة والسير فيها آمن.