هوس كبير من قادة الرأي والجمهور عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بالسخرية من المترشحين للانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، فهناك من ينتقد تلك الصفات، وهناك من ينتقد هذه السمات.. إلخ، وسط تجاهل كبير بشروط الديمقراطية البحرينية التي توافقنا عليها منذ ميثاق العمل الوطني، مروراً بالقوانين الوطنية المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية، وكذلك التعديلات الدستورية اللاحقة.
في حوار التوافق الوطني الذي أجري في صيف 2011 طرح موضوع شروط الترشح في الانتخابات، وتمت مناقشته باستفاضة وأثيرت حوله الكثير من النقاشات والاختلافات، ولكن تم التوصل في النهاية لقرار توافقي بضرورة الحفاظ على الشروط العامة، وعدم تغييرها جذرياً، وهو ما تفاهمت عليه السلطة التشريعية بعد ذلك.
أذكر جيداً أن المسألة الأهم في مناقشة شروط الترشح حينها خلال الحوار الوطني كانت في المؤهل العلمي، فهل يجب الاكتفاء بمعرفة القراءة والكتابة كشرط للمترشح؟ أم يجب تطوير هذا الشروط ليفرض حداً أدنى وهو الشهادة الجامعية؛ سواءً كانت البكالوريوس أو حتى الشهادات الأكاديمية العليا مثل الماجستير أو الدكتوراة؟
البعض في الحوار كان يؤيد الحفاظ على الشروط الحالية، ومنهم عدد كبير من النواب، والبعض الآخر كان يطالب بأن تكون الشهادة الجامعية هي المعيار. كان رأيي حينها أن الشهادة الجامعية يجب أن تكون المعيار، فلا يعقل في مجتمع عرف التعليم النظامي منذ أكثر من 90 عاماً أن يحافظ على شروط القراءة والكتابة فقط، خاصة وأن معدل الأمية في البحرين من أقل المعدلات على مستوى العالم.
في النهاية التوافق كان سيد الموقف، وأقر الحفاظ على الشروط الحالية، ولكن ذلك لا يعني تماماً أنه لا يمكن تغيير هذه الشروط مطلقاً، بل هو خيار متاح لجميع المواطنين من خلال ممثليهم الجدد في السلطة التشريعية، وينبغي الضغط ودعم تغيير الشروط ليكون المؤهل الأكاديمي شرطاً رئيساً للترشح للانتخابات النيابية والبلدية. فمخرجات العمل البرلماني والبلدي ستكون مرتبطة بمستوى الأعضاء الذين يفترض أن يتم وضع شروط متقدمة تضمن اختيار الأكفأ وفرز الأكفأ لا غير.
بعد آخر في مسألة طبيعة المترشحين الحاليين لدى الرأي العام، وهي أنه من الواضح الآن أن هناك تجاهلاً كبيراً لحق جميع المواطنين في مباشرة حقوقهم السياسية من خلال الترشح والانتخاب حسبما يكفله الدستور وينظمه القانون. فهذا الحق متاح للجميع دون استثناء مادام الترشح مرتبط باستيفاء الشروط القانونية له، واستنكار ترشح هذا الشخص أو ذاك احتقار للحقوق الدستورية المكفولة للجميع، ولا قلق على الاختيار مادام الاختيار الأخير بيد المواطنين عبر صناديق الاقتراع.