أخذ دستور 2002 بنظام المجلسين في البرلمان، وساوى بينهما في بعض الصلاحيات، وفاضل مجلس النواب ببعض السلطات والاختصاصات في مجال الرقابة على السلطة التنفيذية، وبذلك يعتبر البرلمان بغرفتيه الحامي للدستور ونصوصه، وهو الكابح لجموح السلطة التنفيذية، فهو يمثل الوعي والعقل العام للمجتمع وقيمه وحقوقه ومصالحه، بمضمونه التمثيلي تجسيد لمبدأ الرضى الشعبي والتعبير عن قضاياه وطموحاته.
لذا فإن المسؤولية التشريعية التي تقع على عاتق أعضاء البرلمان جسيمة، والقرارات لا يكفي أن تكون عادلة ومنصفة؛ إنما أيضاً ملائمة ومتوافقة مع روح الشعب وتقاليده، فالقانون يتضمن فكرة العدالة والإنصاف معاً، بحيث يكون عادلاً ويبرز عمل السلطة التشريعية، والقوانين التي تضعها هذه السلطة يجب أن تكون نابعة من روح المجتمع، ومن جوهر قيمه الأخلاقية وتقاليده التاريخية، بحيث تأتي متطابقة مع أهداف الجماعة وتطلعاتها نحو الأفضل، وتمثيله للإرادة الشعبية لا يعني إطلاقاً تعارضه مع السلطة التنفيذية أو تناقضاً معها؛ بل على العكس انسجاماً تاماً في صنع القرارات ووضع القوانين حرصاً على تطور المجتمع وتكريساً لمبدأ العدالة الاجتماعية في الدولة.
ويجسد ممثلو الشعب المنتخبين والمعينين إرادة ومصالح مجتمع البحرين المدني والسياسي، باعتبار النواب مفوضين من جانب الشعب لإدارة شؤون الجماعة تحت رقابته وسلطانه، وأعضاء الشورى بصفتهم ممثلون للإرادتين الشعبية والرسمية، ما يستوجب مراعاة المسؤولية الأخلاقية للنواب بأن يعودوا إلى قواعدهم الشعبية في الاستئناس بمقترحاتهم ودراسة مشاريع القوانين والاختيار والإدلاء بالرأي في البدائل المطروحة، اعترافاً بحق الناس في متابعة نشاط السلطة التنفيذية التي يتعاملون معها في حياتهم اليومية، وهذا ينطبق على أعضاء مجلس الشورى بألا يكتفوا بكونهم معينين، فهم معينون من أجل مراعاة مصالح البحرين حكومة وشعباً، أسوة بمجالس الشورى في سلطنة عمان ومجلس الأعيان الأردني، الذين يتلمسون احتياجات المجتمع ويقومون برفع توصيات بتطوير البنى التشريعية للقوانين أو بسن تشريعات جديدة، ويشترك المجلسان النواب والشورى في التواصل الإيجابي بينهما بالتنسيق والتشريع والرقابة وفق ضوابط وتوازن فعال في سبيل المصلحة العليا، مما يجعل القرارات السياسية محصلة تصرفات رشيدة وعقلانية في وحدة صنع القرار لتعزيز المواطنة، فالمواطنة، كما يقول أرسطو، هي تلك القدرة على أن تكون حاكماً ومحكوماً في الوقت نفسه من أجل هدف أسمى، وهو تعظيم صافي الإشباع للقيم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبأخذ جميع العوامل الموضوعية التي تؤثر في عملية صنع القرار بالحسبان، خاصة في ظروف التأزم التي تتَّسم بالمفاجأة وضيق الوقت، ما يستدعي طرح مبدأ العقلانية المقيدة في صناعة القرار السياسي.
تعديلات 2012 تجيز لأعضاء مجلسي الشورى والنواب آليات وأدوات مزدوجة لتفعيلها على النحو التالي:
- آلية دستورية (1): تبدأ باستلام مشاريع القرارات أو مشاريع القوانين من الحكومة إلى مجلس النواب للمشاركة في وضعه عن طريق الإضافة أو التعديل أو الرفض، تمهيداً لمروره إلى مجلس الشورى للدراسة استكمالاً لمراحله الدستورية لاستصداره.
- آلية دستورية (2): تبدأ من مجلس النواب بتقديم الاقتراحـات بقوانين ومشروعات القوانين إلى لجنة مشكلة من ثمانية أعضاء للشؤون التشريعية والقانونية تختص بمعاونة المجلس ولجانه الأخرى في صياغة النصوص التشريعية، كما تختص بالنظر في مشروعات القوانين ومطابقتها لأحكام الدستور، وفي حالة أدخلت اللجنة المختصة تعديلات مؤثرة على صياغة مشروع القانون، جاز لها قبل رفع تقريرها إلى المجلس أن تحيله، بعد موافقة رئيس المجلس، إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية أو مكتبها، لتبدي رأيها في صياغة المشروع وتنسيق مواده وأحكامه خلال المدة التي يحددها رئيس المجلس، وتشير اللجنة في تقريرها إلى رأي لجنة الشؤون التشريعية والقانونية أو مكتبها، ومن ثم تقدم إلى رئيس مجلس النواب المقترحات أو المشروعات مصاغة ومحددة بقدر المستطاع، ومرفقاً بها مذكرة إيضاحية تتضمن تحديد نصوص الدستور المتعلقة بالاقتراح والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها والأهداف التي يحققها.