من الملفات التي تريد أمريكا من رئيس الوزراء العبادي تصفيتها بالإضافة إلى الملف الطائفي هما ملفا دول الجوار الإقليمي والملف الكردي، بخصوص ملف دول الجوار يبدو هو الآخر كالملف الطائفي لن يتغير فيه شيء سوى الشكليات، فالملف هو من اختصاصات وزارة الخارجية التي أصبحت حصة إبراهيم الجعفري، ومواقفه وعداؤه لدول الخليج العربي معروفة مسبقاً، خصوصاً موقفه من مملكة البحرين ومناصرته لأعمال التخريب والإرهاب التي حصلت فيها من منظمات تتبع إيران، وكذلك المملكة العربية السعودية التي يتهمها دوماً بتصدير الإرهابيين إلى العراق، فأي تطوير لعلاقات العراق مع دول الجوار الخليجي قد يحصل على يديه؟ ما سيحصل سوف لن يتعدى جولات مكوكية لهذه الدول لا تخرج عن إطار الزيارات التي تنتهي بكلام دبلوماسي عام، وربما سيعاد فتح بعض السفارات في بغداد بدون تأثير في الواقع العراقي لأن إيران ستقف ضد أي دور إيجابي لهذه الدول.
أما بخصوص الملف الكردي الذي عقده المالكي إلى أبعد حد، فأوقف التخصيصات المالية الخاصة بهم وأثار مشاكل حول تصدير النفط ومنح تراخيص الاكتشاف وغيرها من المشاكل الكبيرة، فيبدو أنه الملف الوحيد الذي يركز فيه العبادي جهده محاولاً تصفيته فخطى فيه خطوات ربما ستصل قريباً إلى حل كل القضايا العالقة بين إقليم كردستان وبغداد.
وتختلف مدى أهمية هذه الملفات بالنسبة للأمريكيين من ملف لآخر، فالملف المتعلق بإعادة العلاقات مع دول الخليج العربي يريد الأمريكيون من خلاله إيصال رسالة للعرب السنة في العراق تعيد ثقتهم بالحكومة، لكن بالنسبة للملف الكردي مهم جداً لأن للأمريكان مصالح كبيرة في إقليم كردستان ولهم فيها قواعد عسكرية، كما إنها تعتمد على حرس الإقليم الكردي «البيشمركة» في حملتها العسكرية ضد «داعش» لذلك يعد هذا الملف أهم الملفات التي يجب معالجتها على وجه السرعة.
في النهاية لن تؤثر سياسة العبادي تجاه دول الجوار في وضع العرب السنة ـ الفئة التي تستهدفها أمريكا في هذه الملفات- لأنهم فقدوا الشعور بعمقهم في هذه الدول بعدما تركوا وحدهم سنيناً طويلة كما إنهم يعتبرون ذلك تعاملاً بين الحكومة وبين تلك الدول ولن يؤثر في وضعهم ومأساتهم خصوصاً وأن رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية لم يتمكنا من الذهاب إلى الرياض إلا بعدما زارا السيستاني كل على انفراد ووافق على ذهابهم إلى الرياض، فلم يتبق إذن إلا الملف الكردي الذي وإن نجح العبادي فيه فلن يؤثر إلا على مساحة بسيطة ولن يحل المشكلة.
في الواقع العبادي ليس رجل أمريكا في العراق فهو بريطاني الجنسية خرج من المدرسة التي تخرج منها المالكي، إلا أنه كان خياراً أفضل من المالكي بالنسبة لأمريكا ومع ذلك لن يتمكن من إنجاز المطلوب.