لم يبق لمن دعوا إلى مقاطعة الانتخابات حيلة وإلا مارسوها بغية القول إن الانتخابات النيابية والبلدية لم تنجح؛ ولم تبق وسيلة إعلامية لهم إلا ووظفوها لنشر هذا الاعتقاد الذي أثبت الواقع عكسه، فقد تأكد العالم أن الإقبـــال علـــى الانتخابــات كــان كبيــراً ومثيراً، وجاء بمثابة رد عملي على تلك الدعوات البعيدة عن الوطنية، خصوصاً أن الكثيرين من أبناء العائلات الشيعية الذين كانت جمعية الوفاق تحديدا تعتقد أنهم سيؤازرونها ولن يفشلوا دعوة أمينها العام لمقاطعة الانتخابات شاركوا فيها وبفاعلية ولم يلتفتوا إلى التهديدات التي تم نثرها يميناً وشمالاً وفي كل اتجاه.
يوم السبت الماضي، الثاني والعشرون من نوفمبر، كان بالفعل يوم عيد من أعياد البحرين وكان عرساً بمعنى الكلمة، زاد المواطنين فيه فرحا عدم تمكن ذلك البعض من إفساده رغم كل ما فعله منذ مطلع الفجر وتعمده الدخول في مواجهات مع رجال الأمن بغية التقاط بعض الصور لتوظيفها إعلاميا والقول إن البحرين شهدت في يوم عيدها مواجهات بين رجال الأمن و«المواطنين» وأن المواطنين يرفضون الانتخابات ويعتبرونها صورية.
كل ما فعلوه في ذلك اليوم لم يتكلل بالنجاح لسبب بسيط هو أن شعب البحرين تعب ومل من هذا الذي تقوم به مجموعة أقحمت نفسها في السياسة إقحاماً وكادت تردي بالجميع وبالوطن، وما رفض الكثيرين من أهل القرى لدعوات المقاطعة سواء عبر التقدم بالترشح للانتخابات النيابية والبلدية أو عبر التصويت في ذلك اليوم الجميل؛ إلا دليلاً قاطعا على أن تلك المجموعة لا تمثل إلا نفسها وأن ما تطرحه بعيد عن الواقع ويمكن أن يؤذي الجميع.
حتى المهووسون بما تطرحه «المعارضة» تبين لهم في ذلك السبت أن ما تطرحه لا يلامس الواقع وأنه لا ينتج عنه سوى تعريض الوطن لشتى أنواع المخاطر، فليس أفضل من فشل دعوات المقاطعة للتأكد من ذلك وليس أفضل من رؤية انتصار الصح على الخطأ رأي العين.
من أطرف ما حاول ذلك البعض استغلاله إعلامياً بغية الإساءة إلى الانتخابات صورة لمدخل مركز انتخابي بإحدى القرى من الواضح أنه تم التقاطها في وقت مبكر تظهر خلوه من الناخبين. الهدف من الصورة كان القول إن أحداً من أهل تلك القرية لم يشارك في الانتخابات، وأن هذا يعني أن المقاطعة نجحت وأن الداعين إليها حققوا انتصاراً كبيراً. وعلى افتراض أن الصورة تم التقاطها في نفس الوقت الذي شهدت فيه مراكز أخرى إقبالاً شديداً؛ فما الشطارة في ذلك؟ قرية تم دفع سكانها دفعاً إلى المشاركة في فعاليات لا قيمة لها وتم تهديدهم وتخويفهم بتعرضهم للأذى لو أنهم ذهبوا إلى ذلك المركز للتصويت، من الطبيعي ألا يشهد إقبالاً، ومن الطبيعي أيضاً أن يستعيض المواطنون بالمراكز العامة التي رأى العالم كله كيف أنها شهدت إقبالاً منقطع النظير.
كل ما قامت به الوفاق وائتلاف فبراير في ذلك اليوم لم يسفر عن مفيد، بل على العكس أظهرهما بصورة سيئة حيث نظر العالم إليهما على أنهما يهدفان فقط إلى تخريب الانتخابات أياً كان الثمن، وأنهما دفعا بالصغار الذين ربما لا يعرفون ماذا تعني الانتخابات إلى المواجهة مع رجال الأمن وتعريض حياتهم ومستقبلهم للخطر.
مؤلم أن يكون تفكير من يطرحون أنفسهم على أنهم «معارضة سياسية» بهذا المستوى، فالعمليات التي نفذوها في يوم الانتخابات أكدت أنهم بعيدون عن العمل السياسي وأن نظرتهم قاصرة، فلو كانوا يعرفون كيف يشتغلون سياسة لشاركوا في الانتخابات ترشحاً وانتخاباً ولسعوا إلى إيصال من يعتقدون أنه يمكن أن يمثلهم في هذه المجالس التشريعية التي هي الساحة الحقيقية للمواجهات و«انتزاع» الحقوق وتشريع ما يعين المواطنين على الارتقاء بحياتهم ومعيشتهم.